لم تكن معركة عرسال الأخيرة وحدها التي أحرقت ورقة قائد الجيش العماد ​جان قهوجي​ الرئاسية، ولا فيتو "التيار الوطني الحر" وحده الذي يقطع طريق بعبدا على الرجل الأول في المؤسسة العسكرية. هي الهبة الايرانية التي أطاحت مؤخرًا بكلّ حظوظه، فوضع "حزب الله" كفّه بكفّ حليفه عون لمواجهة أيّ محاولة لايصال قهوجي إلى سدة الرئاسة.

العلاقة ما بين الحزب وقهوجي والتي لطالما كانت بأفضل أحوالها شهدت في الأشهر الماضية تقلبات كثيرة كان آخرها "حين تعاطى قائد الجيش ببرودة مع موضوع الهبة الايرانية بخلاف تعاطيه مع الهبة السعودية"، كما تقول مصادر رفيعة المستوى في قوى "​8 آذار​"، لافتة إلى أنّ "مساعي قهوجي المستمرة للتودد للمملكة كانت مفهومة ومقبولة، إلا أنّ تموضعه كفريق بما يتعلق بالهبة الايرانية بدل أن يكون أول الساعين لقبولها وتسليح الجيش، نسف كلّ المحاولات لاستيعاب الاخفاقات الكبيرة التي تمّت في معركة عرسال، وأعاد علاقته بمعظم مكونات 8 آذار إلى الصفر، وبالتالي أدّى لانعدام حظوظه الرئاسية".

رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ استدرك الأمر سريعًا، حتى أنّه على ما يبدو بدأ بتلقي اشارات ايجابية لامكانية انتخاب رئيس في المدى المنظور. هو وضع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الجو، بالرغم من أنّه لم يضع على الطاولة أيّ عناصر ملموسة أو ملامح للحل. وتقول المصادر في هذا الاطار: "هناك ضبابية مسيطرة على المشهد العام الاقليمي بعد تمديد المفاوضات مع طهران، إلا أن رادارات وليد بيك المقاومة للضباب بدأت تلتقط إشارات معيّنة".

وتشير المصادر إلى أنّ تمسّك الأقطاب المسيحيين بترشيحاتهم، "ليس إلا اقتناعًا منهم بأنّ السباق الرئاسي قارب على الانتهاء وأنهم بعيدون كل البعد عن كرسي بعبدا، من هنا يسعون لتحسين شروط التفاوض ويحرصون على أن تكون لهم كلمة أساسية في ربع الساعة الأخير الذي يسبق إعلان اسم الرئيس".

وتعتمد المصادر تقنية "استبعاد الاسماء" Elimination، لتحديد تلك الأوفر حظا لتولي الرئاسة، لافتة إلى أنّ اسم الوزير السابق جان عبيد والذي كان كلّ من جنبلاط وبري يدفعان بقوة باتجاه تبني ترشيحه، "لا يبدو ثابتًا على اللائحة الرئاسية بعدما بات محسوبًا على طرف اقليمي معروف"، وتضيف: "بعد استبعاد الأقطاب المسيحيين، وقهوجي وعبيد، يبقى حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ الوحيد على اللائحة الذي لا فيتوهات على اسمه، ما يعني أنّه الأوفر حظا لغياب التداول بأسماء أخرى".

وتؤيد مصادر مسيحية واسعة الاطلاع متابعة لحركة مدّ وجزر الانتخابات الرئاسيّة نتائج "تقنية الاستبعاد"، ملمحة الى "قطبة مخفية" في مكان ما، والى اسم ما قد يخرج الى العلن في الوقت المناسب منعا لاحتراقه في حال بدأ التداول به قبل وقته.

وحتى يحين ذلك الوقت، سيبقى "حزب الله" متمسكا بترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون طالما هو متمسك بترشيحه، علما أن الطرفين باتا مقتنعين تماما بأن رئيسا لا يرضى عنه ميشال عون لن يدخل قصر بعبدا.