- يلتقي وزير خارجية أميركا جون كيري برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في روما، للتفاهم على سلوك مشترك تجاه مشروع فلسطيني يحظى بدعم واسع في العالم رسمياً وشعبياً، يطالب بجدول زمني للانسحاب «الإسرائيلي» من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ويدور البحث تحت ضغط «إسرائيلي» لممارسة واشنطن لحق الفيتو لإسقاط المشروع، الذي بات واضحاً أنّ طرحه من دون تعديل سيعني حيازته على التأييد الكافي لفوزه وتحوّله إلى قرار، بينما يخوض كيري مفاوضاته مع نتنياهو لتعديل مشروع القرار بصورة تجعله منسجماً مع الرؤية الأميركية للسلام، مطالباً نتنياهو بالتعاون لرسم خطوط متفق عليها إلى حدود الممكن، لبلوغ القرار إجماعاً دولياً من جهة وقدرة القبول لدى «إسرائيل» من جهة مقابلة.

- الأكيد والواضح أننا لن نشهد من واشنطن تصويتاً بالموافقة أو امتناعاً عن التصويت يسهّلان صدور قرار يضع «إسرائيل» أمام أمر واقع دولي، ولو من دون آليات تنفيذية ملزمة، لكنه وثيقة قانونية تشكل أساساً لاحقاً للتحرك تحت عنوانه، «قرار بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة من «إسرائيل» عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، فهذا القرار على رغم الافتقار لآليات التنفيذ سيسمح بإعلان الدولة وبدء الحصول على الاعترافات الديبلوماسية بها، وصولاً إلى معاملة الاحتلال لأراضيها وأي مقاومة لهذا الاحتلال بطريقة مختلفة.

- لكن الأكيد والواضح هو أننا نقف للمرة الأولى أمام قلق «إسرائيلي» من التصرّف الأميركي، وعدم الاطمئنان لوجود قرار تلقائي باستخدام الفيتو، لأنّ هناك مشروع قرار لا يريح «إسرائيل»، بينما سابقاً وفي مواجهة مسائل أقلّ أهمية كان شعور «إسرائيل» الدائم، أنّ الفيتو الأميركي لصالح «إسرائيل» مضمون من دون أن تكلف نفسها عناء الاتصال والتشاور.

- الأكيد والواضح أيضاً هو أنّ الحروب الفاشلة لـ»إسرائيل» خلال عقد من الزمن وعجزها عن خوض مركب السلام وفقاً للحدود التي رسمتها واشنطن، قد أدّيا إلى تراجع في مكانة «إسرائيل» في صناعة السياسة الأميركية،، وتحوّلها من قيمة مضافة استراتيجياً إلى عبء استراتيجي، والأكيد والواضح أيضاً وأيضاً، أنّ المأزق الذي واجهته وتواجهه واشنطن مع القوى الصاعدة والصامدة في المنطقة من إيران إلى سورية والمقاومة، وفشلها وفشل «إسرائيل» ومعهما حلفاء كثر في ليّ ذراعها، دفعا بواشنطن أيضاً نحو التفكير عميقاً بالانخراط في تسويات وتفاهمات، تبدو «إسرائيل» بعد تشاركها بالفشل في الحروب مع أميركا، تريد منها أن تربط مصير أميركا المفتوح في التسويات على بدائل غير الهزيمة، بمصير «إسرائيل» المغلق على أي بدائل سوى الهزيمة.

- في قلب هذه اللحظة الدرامية ينطرح المشروع على مجلس الأمن، حيث تدرك واشنطن أنّ الاستخدام التلقائي للفيتو سوف يجلب المزيد من التأزم في علاقاتها المأزومة أصلاً مع شعوب المنطقة، من دون أن يفيد «إسرائيل» بشيء سوى زيادة جرعة العنجهية عندها، بما يورّطها بالمزيد من الحسابات الخاطئة وفقاً للنظرة الأميركية للمصلحة العليا لمستقبل «إسرائيل» في شرق أوسط يتغيّر.

- ترغب واشنطن بالتفاهم مع «إسرائيل» في لقاء كيري نتنياهو على منطقة وسط، محورها استئناف المفاوضات وصولاً إلى قيام دولة فلسطينية حدودها النظرية الأراضي المحتلة عام 1967، والاستعانة كالعادة بالدعم العربي وتساهل السلطة الفلسطينية لتمرير عبارات التفاوض حول تبادل الأراضي ورسم الحدود ومصير اللاجئين والقدس، فيقلق نتنياهو، ولا تستطيع واشنطن السير من دون تنسيق مع «إسرائيل»، فيتردّد كيري.