أغرقتنا تفاصيل وزواريب السياسة اللبنانية فلم يلحظ كثيرون منَّا أنَّ حدثاً عالمياً وقع أول من أمس الأربعاء وتمثَّل بانتهاء القطيعة بين الولايات المتحدة الأميركية وكوبا، بعد أكثر من نصف قرن على هذه القطيعة والتي بدأت مع الرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي.

أغرقتنا تفاصيلنا وزواريبنا، فلم نتابع أنَّ هذا الحدث التاريخي ما كان لينجح لولا الدبلوماسية الصامتة التي قادها البابا فرنسيس بين البلدين، والتي أدَّت إلى ما أدَّت إليه من إتصال هاتفي بين الرئيس باراك أوباما والرئيس الكوبي راوول كاسترو على مدى ساعة واتفقا على إتخاذ إجراءات تقود إلى تحسين العلاقات بين البلدين.

أميركا وكوبا يتفقان، ونحن في لبنان لم نعرف بعد كيف نتفق مع بعضنا البعض، بهذا علَّق أحد السياسيين المخضرمين الذي عايش بدايات القطيعة بين أميركا وكوبا ليُعايش اليوم إنهاء هذه القطيعة، في ما نحن في لبنان نكاد نتجاوز نصف قرنٍ من الخلافات.

***

عملياً، أين أصبحنا في لبنان؟

هناك مشاورات على قدم وساق وحركة دبلوماسية ناشطة في أكثر من إتجاه، سواء بالنسبة إلى اللبنانيين أو بالنسبة إلى الموفدين الأجانب، لبنانياً وبعد الإعلان عن أن جلسة أولى للحوار ستنعقد بين العيدين وأنّ طرفيها، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري عن تيار المستقبل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، نشطت الحركة في إتجاه السعودية فبدأت نقاشات فيها من الرئيس الحريري والوفد الذي توجّه إليها من بيروت، والذي يضم الرئيس فؤاد السنيورة، ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر والنائبان السابقان غطاس خوري وباسم السبع، والسيد نادر الحريري، والمستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حمود.

تأتي حركة المشاورات هذه لوضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال الحوار، تمهيداً لإنطلاقته العملية في السنة الجديدة، بعد جلسة أولى تمهيدية أواخر الأسبوع المقبل.

***

بالتزامن مع هذه الحركة، هناك حركة دبلوماسية ناشطة جداً، روسية وفرنسية، فالموفد الفرنسي فرنسوا جيرو الذي جال على جميع الأقطاب والمرجعيات في لبنان، سيوسِّع دائرة إتصالاته ليزور السعودية وإيران والفاتيكان، أي الدول المعنية بشكل أو بآخر بملف إنتخابات الرئاسة.

وفيما الموفد الفرنسي يوسِّع حلقة إتصالاته، تبدو موسكو في الساحة أيضاً من خلال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.

***

إلى أين يمكن أن توصِل كل هذه المشاورات واللقاءات؟

لا يختلف إثنان على أنَّ معضلة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية يقضُّ مضاجع الجميع، لذا فإنَّ كلَّ التحركات تسير في هذا الإتجاه، خصوصاً أنَّ معظم السلطات باتت شبه مشلولة، فالسلطة التنفيذية باتت 24 سلطة، لأنَّ كل وزير تحوَّل إلى حكومة قائمة في حدِّ ذاتها. كما أنَّ مجلس النواب يحاول بصعوبة أن يكون منتجاً على رغم كلِّ العراقيل التي تضعها بعض الكتل في وجهه.

والسؤال الكبير:

ماذا ستُحمِّل السنة الراحلة إلى السنة الجديدة؟

تعثُّر الحوار أم إندفاعة جديدة له؟

لننتظر.