أبو فاعور المشنوق هو عنوان، ليست كلمة المشنوق فيه صفة لتبيان الوصف، بل هي شهرة عائلية لمَنْ لمع إسمه.

هذا الثنائي الوزاري: ​نهاد المشنوق​ و​وائل أبو فاعور​، يبرزان متميّزين بين أترابهما، وهما يحطّمان رتابة الوهَن، وكثافة العفن المتراكم حول إسم الوزير وإسم الحكومة، ويصححان مفاهيم الحكم والسلطة والقانون، تلك التي توالت عليها حكومات ومعارضات في إطار فئتين: فئة حكمتْ فأفسدتْ، وفئة تفسد لتحكم.

المشنوق وأبو فاعور أنموذج وزاري تحلّقت حولهما الأنظار إعجاباً وابتهاجاً على غرار ما كان للوزير زياد بارود، ليس لأن هؤلاء الثلاثة قد اخترعوا البارود، أو إجترحوا معجزات خوارق، غابت عن غيرهم مفاتيح أسرارها الغامضة، بل لأنهم - هكذا وبكل بساطة - يطبّقون القانون.

تأملوا... كيف أن سلالات وراثة العروش، والسلاطين الذين تعاقبوا على الحكم عندنا بموجب «التفويض الإلهي»... قد أوصلونا الى دولة أصبح تطبيق القانون فيها كأنه أعجوبة ربانية تستأهل المديح والتسبيح.

هذا الإعجاب اللبناني الصادم بتطبيق القانون، مرّده الى أن اللبنانيين قد افتقدوا على مدى عقود وزيراً نذر نفسه للعفّة، ولأن الوزراء على مدى عقود لم يألفوا مهمة الوزير الذي يؤتى به مسؤولاً يطبق القانون، بل كنا في كل عهد نتمنى بشغف أن نردد مع الشاعر القول:

وأَلذُّ مِنْ نَيْلِ الوزارةِ أَنْ ترى يوماً يُريكَ نهايةَ الوزراءِ

المسؤولية المسلكية التي أداها أبو فاعور والمشنوق، لا تقتصر أهميتها على إطلاق نفير القانون في وطن نازف ودولة مهترئة، حيث المؤسسات يتآكلها الفساد والصدأ، وحيث المسؤوليات متراخية متواطئة، طويلة الباع بالسلب والنهب والرشوة والإنحراف، وحيث الإدارة مسخّرة للنفوذ السياسي والمذهبي والمحسوبية والإختلاس.

بل أهمية هذين الوزيرين كذلك، في كونهما أطلقا نفير استرجاع المسؤولية الحكومية المنتهية الصلاحية، فبات هناك من يتهيب السلطة ويحسب لها حساب المحاسبة، وقد شكلا أنموذجاً سلوكياً إن لم يقتدِ به أي حاكم أو مسؤول أو وزير، يسقط من سدّة المسؤولية متواطئاً أو متهماً أو مهزوماً.

على أن هذين: المشنوق وأبا فاعور ينتسب كل منهما الى مرجعية سياسية حزبية تقع تحت أعين الرصد، ولأن الرسالة في المعتقدات الدينية والحزبية إنما يجسدها أداء الرسول، فلتكن رسالتهما إدانة لمن شوّهوا نصاعة انتمائهم حين نراهم - على فقرهم الموروث - يجّررون وراءهم غنائم الحقائب الوزارية بالملايين من الدولارات وأمتار العقارات.

ولتكن العبرة بالفارق الكبير بين وزير ووزير: وزير يحمل لفظاً إسم المشنوق، ووزير يستحق فعلاً عقوبة الشنق.