ضاعفت العمليات الفدائية الفلسطينية بالسلاح الأبيض التي نُفِّذَتْ في مدينتَيْ القدس والخليل من مآزق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل الصعوبات التي كان يواجهها لتشكيل حكومة إسرائيلية يمينية، وذلك مع اقتراب انتهاء الفترة الممدّدة لتشكيل حكومته التي لم يبقَ منها إلا 10 أيام، حيث تنتهي في 7 أيار 2015.

وكذلك إطلاق صواريخ من قطاع غزّة، ما يؤكد فشل الاحتلال على مدى 51 يوماً في تنفيذ "بنك الأهداف" خلال العدوان الذي شنّه على قطاع غزّة (7 تموز2014 وحتى 26 آب من العام ذاته) من وقف إطلاق الصواريخ الذي شكّلت مفاجآت للاحتلال بوصولها إلى أماكن لم يكن يتوقّعها.

أمام هذه التطورات، تطورت الاتصالات داخل كيان العدو، حيث أسفرت عن تنازل زعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف نفتالي بينيت عن مطالبته بحقيبة الخارجية، التي يشغلها زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف أفيغدور ليبرمان.

وكان بينيت طالب بحقيبة الخارجية، التي كان يشغلها ليبرمان، التي يصر عليها، وقرر بينيت أن يركز اهتمامه على حقيبة التعليم، التي طلبها رسمياً من نتنياهو، حيث يحصل حزبه على 3 حقائب وزارية.

ويحظى نتنياهو بدعم حزبي اليمين القومي "البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا"، وحزبي "شاس" و"اللائحة الموحدة للتوراة" المتشددين، وحزب اليمين الوسط الجديد "كلنا"، وهو يسعى لتشكيل حكومته الرابعة، الثالثة على التوالي، مدعوماً بـ 67 صوتاً من أصوات الكنيست الـ 120.

في غضون ذلك، شكّلت عمليات ما يُعرف بالسلاح الأبيض مأزقاً حقيقياً للاحتلال، خاصة أنّ هذا الأسلوب يتنوّع بين الطعن بآلات حادة - أي بالسكين والبلطة والخنجر - أو من خلال الدهس بالسيّارات والباصات.

فخلال الـ24 ساعة الماضية، شهدت مدينتَيْ القدس والخليل 3 عمليات طعن ودهس، اثنتان في القدس والثالثة في الخليل.

فقد نفّذ الفتى الفلسطيني علي أبو غانم (17 عاماً) ليلة الجمعة - السبت، عملية بمحاولة طعن شرطي من حرس الحدود بالقرب من "حاجز الزعيم"، عند مخرج حي الطور في القدس، حيث أطلق أحد جنود الاحتلال النار باتجاهه، ما أدّى إلى استشهاده.

ورفضت سلطات الاحتلال تسليم جثته إلى عائلته، مشترطةً تسليمها بأنْ توافق العائلة على اختصار إجراء مراسم الدفن بحضور 20 شخصاً فقط، وهو ما رفضته العائلة، مؤكدةً أنّه "إبن كل سكان الطور، وكلّهم يريدون المشاركة في تشييعه".

وعبّر الفلسطينيون في القدس عن غضبهم من تعمّد الاحتلال قتل الشاب أبو غانم، ووقعت مواجهات في المكان ذاته مع قوّات الشرطة، حيث أقدم أحد الشبان الفلسطينيين على دهس دورية للشرطة في "شارع هكوهانيم" بالقرب من "مستوطنة بيت أوروت" على جبل الزيتون، ما أدّى إلى إصابة 3 من أفراد الشرطة بجراح، أحدهم جراحه متوسطة.

وعلى الرغم من مطاردة الشرطة للسيارة وإطلاق النار، إلا أنّه تم العثور على السيارة دون أنْ يتم العثور على سائقها.

ورشق الشبان الفلسطينيون قوّات الشرطة الإسرائيلية بالحجارة، ما أدّى إلى إصابة رئيس البلدية نير بركات لدى وصوله إلى مكان الحادث لتفقّده.

وفي مدينة الخليل، استشهد الشاب محمود يحيى أبو جحيشة (20 عاماً) من بلدة إذنا - غرب الخليل، اثر إطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار عليه مساء السبت، قرب الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، بادعاء قيامه بطعن أحد جنود ما يسمى "حرس الحدود".

وشيع الآلاف من أهالي بلدة أذنا جثمان الشهيد أبو جحيشة, بعد الصلاة عليه في "المسجد العمري الكبير".

وردد المشاركون الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، مطالبين بوضع حد لانتهاكات الاحتلال.

وألقيت أمس (الأحد) حجارة باتجاه القطار الخفيف أثناء مروره قرب محطة شعفاط بالقدس الشرقية المحتلة، حيث تسببت بأضرار خفيفة بعربة من عربات القطار، دون أن تسجل إصابات بين الركاب، فيما شرعت قوات الاحتلال بتمشيط المنطقة لاعتقال ملقي الحجارة.

وفي حادث أخر، ألقى عدد من الملثمين في حي الطور بالقدس المحتلة الحجارة باتجاه قوات الاحتلال التابعة لما يسمى "حرس الحدود"، التي ردت بإطلاق الغاز والرصاص المطاطي باتجاه الفلسطينيين.

وهذا الأسلوب المتجدّد للمقاومة الشعبية، لا يمكن للاحتلال الحؤول دونه، لأنّ تنفيذ ذلك لا يحتاج إلى تشكيل خلية أو الانخراط ضمن فصيل، بل تنفيذها مرتبط بقرار ذاتي، وهو تعبير عن مدى الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، فضلاً عن الضفّة الغربية وقطاع غزّة.

وهذه العمليات، على الرغم من أنّ الخسائر البشرية التي توقعها في صفوف جنود الاحتلال ومستوطنيه، إلا أنّها تشكّل معضلة رئيسية له، لأنّه ليس باستطاعة شرطة الاحتلال أنْ تتولّى مجموعات منها مراقبة كل شخص فلسطيني، سواء أكان امرأة أو رجلاً، مُسنّاً أو شاباً أو طفلاً، حيث أظهرت هذه العمليات مشاركة من أطياف المجتمع الفلسطيني بتنفيذها، والتي برزت في أعقاب عدوان غزّة 2014، ما أدّى إلى مقتل وجرح العشرات من جنود الاحتلال والمستوطنين، فضلاً عن استشهاد منفّذي هذه العمليات أو اعتقالهم من قِبل سلطات الاحتلال أو نجاحهم بالفرار.

وعلى الرغم من كل إجراءات الاحتلال وقراراته القاسية بحق منفّذي العمليات وعائلاتهم - سواء لجهة حجز جثامين الشهداء، أو منع عائلات منفّذي العمليات من زيارة أولادهم، أو هدم منازلهم - إلا أنّ ذلك لم يثنِ الفلسطينيين عن ممارسة حقهم الطبيعي بالرد على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.

وكان هذا النموذج في استخدام السلاح الأبيض، قد برز "الانتفاضة الثانية" - "انتفاضة الأقصى"، بعدما دنّس وزير الدفاع الإسرائيلي - آنذاك - أرييل شارون باحات "المسجد الأقصى"، وأمس الأول السبت 25 من نيسان الجاري ألقى شبان فلسطينيون مفرقات باتجاه منزل شارون في القدس المحتلة.