يقول احد الوزراء السابقين المخضرمين في وصفه للوضع القائم بان «لبنان خارج قانون الجاذبية، لذلك فان كل شيء يحصل او يتحرك من دون ضوابط هذا النظام بحيث ان الامور تكاد تكون خارجة عن السيطرة بسبب توقف عمل مؤسسات الدولة وتغييبها.

وما جرى في جلسة مجلس الوزراء امس يعكس الحال الذي نعيشه بكل تداعياته، ولا سيما ان النتائج التي انتهت اليها ليست مشجعة وان كان خرق التعطيل قد حصل من خلال اقرا احد الملفات الملحة اي تصريف الانتاج الزراعي عن طريق البحر بعد ازمة المعابر السورية، مع العلم ان العماد ميشال عون اعلن لاحقا انه جرى من دون موافقة وزرائه.

وبغض النظر عن تفاصيل وخلفيات النقاش الطويل الذي دار في الجلسة فان هذا الخرق لا يعني احداث ثغرة حقيقية في جدار ازمة عمل الحكومة، خصوصا ان الرئيس سلام ابدى مرونة خلالها الى حدود رفعها من دون تحقيق او مناقشة جدول الاعمال.

والحقيقة ان رئيس الحكومة، كما يقول مصدر وزاري، وضع نصب عينه عدم تفجير الجلسة وابقاء الامور مفتوحة لمرحلة لاحقة، ما يعني ان الكباش سيستمر طالما ان التيار الوطني الحر ومن يؤازره مصر على حسم التعيينات الامنية قبل اي شيء آخر.

وبسبب هذا «الحرص الفائض» فضل سلام طرح التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية على طاولة الجلسة مع العلم ان هذا المرسوم لا يناقش في مجلس الوزراء بل هو في الاصل يوقع من رئيس الجهمورية والحكومة، ويحال الى رئيس المجلس.

ويشير المصدر الى ان عشرة وزراء اعلنوا فورا توقيعهم على المرسوم غير ان ذلك لا يعني ان المعارضين هم باقي اعضاء مجلس الوزراء باعتبار ان رئيس الحكومة وبعض الوزراء الاخرين يؤيدون المرسوم ويتوقع ان ينضمو الى العشرة ليزيد عدد الموقعين لاحقا الى ما فوق النصف زائداً واحداً.

وحسب المصدر فان اصرار التيار الوطني الحر وبعض الوزراء المسيحيين الاخرين على رفض هذه الصيغة ربما يحدث بلبلة لكنه في نهاية المطاف سينتقل التجاذب الى ما بعد فتح الدورة الاستثنائية ودعوة الرئىس بري الى جلسة تشريعية مع العلم ان بعض النواب الذين يمثلون كتلا مسيحية يتجهون الى حضور الجلسة الامر الذي يسقط محظور غياب المكوّن المسيحي الكامل.

وبرأي المصدر الوزاري ان الجلسة انتهت امس رغم كل ما حصل خلالها الى نتيجة اللاغالب ولا مغلوب، الامر الذي يؤشر الى اننا امام جولة جديدة من التجاذب قبل استقامة العمل الحكومي.

وفي موقف نقدي لطريقة تعاطي التيار الوطني الحر يقول المصدر ان وزراء التيار اتخذوا موقفا من الصعب تفسيره منطقيا فكيف سكتوا خلال الجلسة على اقرار احد البنود الحيوية والملحة اي تصريف الانتاج الزراعي ويعارضون السير في مناقشة واقرار بنود لا تقل اهمية وإلحاحا تتعلق بالرواتب والشأن المالي وغيرها؟

السبب الحقيقي لموقفهم يضيف المصدر الوزاري هو انهم لم يأتوا الى الجلسة بمعيار واضح ففضّلوا القبول بتحرير هذا البند دون غيره، واستغلوا مرونة سلام لقطع الطريق على مناقشة واقرار باقي البنود.

وفي تقدير المصدر ان رئيس الحكومة الحريص على السير بالتوافق فضّل بدوره عدم الذهاب بلعبة التصويت حتى النهاية ربما للحفاظ على الحد الادنى من التضامن الحكومي في المستقبل او لابقاء الامور مفتوحة للاخذ والردّ قبل موعد الجلسة المقبلة التي سيدعو اليها.

من هنا يرى المصدر ايضا ان رئىس الحكومة وضع نفسه مجددا امام امتحان نجاح التئام مجلس الوزراء مرة اخرى للانطلاق بوتيرة عمل جاد للحكومة.

والسؤال المطروح هل ينجح في تحقيق الخرق الجدي باتجاه استئناف عمل مجلس الوزراء بشكل طبيعي ام انه سيدخل مرة اخرى في مرحلة من الانتظار والجمود؟