هاجم النائب وليد جنبلاط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفريق عمله متهماً إياهم بالفشل في السياسة المتبعة تجاه سورية، وأشار جنبلاط في تغريدات عبر «تويتر» إلى أنه نبّه مراراً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن «لا تخاصم روسيا الشعب السوري، لكن لم يلق كلامي أيّ صدى إيجابي لأنهم كانوا يظنون أنّ النظام سينتصر. وقال: «باختصار اليوم لاحظ الروس وسيّد الكرملين أنّ سياستهم أوصلتهم إلى الأفق المسدود».

ورأى جنبلاط أنّ «دعوة بوتين إلى تشكيل جبهة من أجل محاربة الإرهاب اعتراف بالفشل»، مضيفاً: «ها هي سورية تصبح مستعمرة إيرانية على حساب النفوذ الروسي التقليدي. وبعد أن يتمّ الاتفاق الأميركي الإيراني سيتوسّع النفوذ الإيراني على حساب روسيا».

يأتي كلام جنبلاط على خلفية دعوة الرئيس بوتين سورية إلى قبول المشاركة في جبهة تضمّ تركيا والسعودية والأردن وقطر تحت عنوان مكافحة الإرهاب، وبعدما امتلأت وسائل الإعلام بالتقارير التي تؤكد الاعتراف الأميركي بالفشل في سورية، والوصول إلى الاعتراف بأن لا بديل عن الرئيس السوري بشار الأسد، وهو كلام أدلى به نائب وزير الخارجية الروسي الذي يعتبره جنبلاط الأشدّ عقلانية في فريق بوتين ميخائيل بوغدانوف الذي قال بعد لقائه نائب وزير الخارجية الأميركية دانييل روبشتاين في 22 أيار الماضي «إنّ الأميركيين وصلوا إلى قناعة بأن لا بديل عن الرئيس الأسد وإلا صارت سورية ليبيا أخرى أو صومالاً آخر»، وجاءت بعدها التقارير عن لقاء وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان مع الرئيس بوتين ومع لافروف وبوغدانوف وتسليمه بأنّ الإرهاب صار وراء الباب، ومثله التفاهم النووي الإيراني، الذي يقلق السعودية أكثر مما يقلق موسكو التي تتولى تدوير الزاويا لولادة ميسّرة له، وأنّ الجمع بين الإصرار على ربط أيّ مقاربة للملف السوري بإسقاط الرئيس السوري من جهة ومواجهة الاستحقاقات الكبرى كالعلاقة مع إيران ومواجهة الإرهاب من جهة أخرى، صار استحالة.

يعلم جنبلاط أيضاً أنّ الانتصارات التي حققها حزب الله في القلمون على «داعش» و«النصرة» لم تكن خاتمة حرب، بل مجرد دفعة على الحساب تقول إنّ التحوّل الدولي والإقليمي إذا كان صادقاً نحو أولوية الحرب على الإرهاب، بعد التفاهم على الملف النووي الإيراني، فلن يعود لهذا الإرهاب ما يُحسب له من الحساب.

قبل ستة شهور تقريباً وفي منتصف شهر كانون الثاني عمّم جنبلاط ونشرت الصحف كلاماً منسوباً إلى «صديقه الأميركي» المعاون السياسي للأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان الذي يفهم المنطقة جيداً والأقرب على الصعيد الشخصي إلى جنبلاط، والذي كان قد التقاه في لندن قبل شهر من تعميم الكلام، وجاء في كلام فيلتمان الموجّه إلى جنبلاط: «إنّ الاتفاق مع إيران أُنجِز بنسبة كبيرة وتأخير التوقيع هدفه إعطاء بعض الوقت لتسويقه في السعودية وتركيا و«إسرائيل»، نحن نحتاج إلى العلاقة مع إيران بالمقدار نفسه الذي تحتاجه إيران إن لم يكن أكثر، لم تعد أولوية واشنطن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لذلك هو باق الآن، واشنطن ترى في حزب الله عامل استقرار في لبنان والمحيط إذا قرّر ذلك، وسنتعامل معه على هذا الأساس وسنشجّعه في هذا الاتجاه، لا تصغِ كثيراً إلى بعض «فلاسفة 14 آذار»، فهذا الفريق مشرذم وممزّق وحالم في بعض الأحيان، وبالتالي نصيحتي أن تستمرّ في سياستك الواقعية».

إذن جنبلاط يعلم أنّ الأسد باق، وأنّ محاولات إسقاطه فشلت، ما يعني أنّ الجبهة التي يدعو إليها الرئيس بوتين هي جبهة تضمّ الفاشلين في إسقاط الأسد، لتجمعهم معه الحرب على الإرهاب الذي بات يدقّ أبواب غرف نومهم، فيما الأسد هو الذي يقاتله، ويتمهّل في قبول هذا الحلف ويضع الشروط.

نصيحة فيلتمان لجنبلاط أن يبقى على سياسته الواقعية ويبتعد عن فلاسفة 14 آذار فلماذا يخالفها؟

في صيف 2013 أطلق جنبلاط تصريحات نارية في حق السياسة الروسية في سورية، ترجمت موعداً لزيارة قام بها إلى موسكو وعاد بعدها يتحدّث بعقلانية.

يستبعد متابعون لجنبلاط أن يكون كلامه العالي السقف عن روسيا ضياعاً في فهم المشهد الجدي، أو تعبيراً عن قناعة لا علاقة لها بالواقع، فيقولون إنها طريقة جنبلاط في طلب موعد جديد لزيارة موسكو وعرض خدمات يملك جنبلاط تقديمها لتسويق المشروع الروسي الذي لا بدّ أنّه علم من صديقه فيلتمان أنه مشروع جدي، وأنه ترجمة للتسوية الأميركية ـ الروسية التي «بشّر» بها جنبلاط قبل عامين، يوم قال إنّ الأزمة السورية طويلة، ويبدو أنّ جنبلاط تلقى نصيحة جديدة من فيلتمان تقول: «حاول أن يكون لك دور في المبادرة الروسية».

نبيل العربي طلب لقاء وليد المعلم… يعرف جنبلاط هذا جيداً…

جنبلاط إلى موسكو قريباً وعندها سنسمع كلاماً جديداً!