لم تهدأ عاصفة الإعلان عن الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران، لا سيما في الكيان الصهيوني، الذي اعتاد على البروباغندا الخبيثة، وفي ذهنه مجموعة أهداف يعمل على تحقيقها ضمن عملية ابتزاز واسعة النطاق لكل دول العالم، خصوصاً تلك المعنية برعايته على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية أساساً، والتي تواصل رفد ترسانته بأقذر الأسلحة، خصوصاً الذرية منها، وكذلك الكيماوية، فضلاً عن أقوى التقنيات، ليبقى متفوّقاً في التهديد بعمليات القتل والدمار.

مجموعة أسئلة طرحها القادة الصهاينة في الاجتماع السنوي لما يسمى "حكماء إسرائيل" في هرتسيليا، بعد أن حسموا الأمر بأن الاتفاق النووي سائر إلى النهايات؛ وفق الإرادة والرغبة الدوليتين مع إيران، ولذلك فإن أهم ما طُرح عملياً ليست فقط الضمانات التسليحية والدور المقبل للكيان الغاصب، وليس كذلك كيفية مواجهة المقاومة، إن في لبنان أو فلسطين أو على الجبهة السورية، بل إن ما هدف إليه هو تكريس الاحتلال لهضبة الجولان، من خلال تشريع الاحتلال لها، لتصبح الهضبة بأمها وأبيها تحت السيادة "الإسرائيلية"، على قاعدة أن السطو على فلسطين أمر حاصل، وفي الجيب "الإسرائيلي"، ولذلك فإن ما يسعى إليه قادة الاحتلال هو الحصول على الوعد الأميركي بضم الجولان، كوعد يشبه وعد إنشاء الكيان المعروف بـ"وعد بلفور" .

الولايات المتحدة الأميركية لم تعلن موقفاً بهذا الصدد حتى الآن، بانتظار دراسة وتقييم ما ستؤول إليه الأوضاع على الساحة السورية، لكنها وعدت في المقابل بحزمة تعويضات أمنية وعسكرية، وعلى لسان أوباما، وأهمها التعاون في مواجهة حزب الله، الذي باتت قدراته تشكّل قلقاً متزايداً للكيان الصهيوني مع اكتساب الجسم المقاوم حرفية عالية .

ونقطة في غاية الأهمية تقوم على مصير المكانة الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، ومدى تضررها من الاتفاق النووي، وهنا في الحقيقة بيت القصيد المقلق كثيراً لـ"إسرائيل"، وهو المتعلق بمصير النووي "الإسرائيلي"، سواء في مفاعل ديمونا أو مناطق أخرى، في ظل معلومات لم تعد خافية بأنها تمتلك ما بين 200 إلى 400 رأس نووي، وهل يتجدد الطرح بن أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، سيما أن قادة الاحتلال ما زالوا تحت وطأة تصريح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطلقه العام الماضي، وفحواه أن النووي "الإسرائيلي" سيكون على المشرحة الدولية بعد الانتهاء من معالجة الملف النووي الإيراني .

هنا تكمن القضية الأساس، فإذا تمّت معالجة النووي "الإسرائيلي" بإزالته، فأية أنياب ستكون للكيان المغتصب؟

في الواقع، هذه المعالجة تحتاج إلى واقع عربي آخر، لكن يمكن تحريك هذا الموضوع على طريق خلو المنطقة من سلاح كادت "إسرائيل" تستخدمه في حرب تشرين عام 1973.

إن ما يكشف المبطّن "الإسرائيلي" وكل الزعيق حول النووي ما قاله الرئيس الأميركي؛ بأنه لم ير من الذين ينتقدون الاتفاق ما هو جدي، بل انتقادات سخيفة ومحزنة.