في السابق، لم توفّر قوى 8 آذار فرصة للتطبيل والتزمير لتمام سلام والإشادة بأصله وفصله وحكمته في ادارة امور حكومته بالتي هي احسن.. في السابق ايضا، كان سلام الرجل المناسب في المكان المناسب، اقله شكليا على اعتبار ان هذه القوى قطعت الطريق على كل من اراد تظهير اعتراضاتها على ادائه في بعض المناسبات.

اليوم اختلفت الرواية، لم يعد سلام في نظر هذه القوى صالحا لأداء مهامه، بات الرجل يقول في العلن ما حرصت هذه القوى على اخفائه والتعايش معه، وعلى هذا الاساس وفي ذروة تلويح رئيس الحكومة بالاستقالة، لم تجد 8 آذار مفرا من وضع النقاط على الحروف لإفهام الجميع، بمن فيهم رئيس الحكومة نفسه، حجمهم الحقيقي في اللعبة اللبنانية.

ووفقا لمصادرها، يجب على سلام استيعاب الخطيئة التي سيرتكبها اذا استمر في التهويل بالحكومة لأن أول الخاسرين من لعبة عض الاصابع هذه «سيكون تمام سلام»، ويمكن للرجل الاتعاظ من تجربة رئيس «الجمهورية السابق»ميشال سليمان قبل الدخول في هذه المتاهة.

طبعا، لا يدخل هذا الكلام الا في اطار الحفاظ على الرئيس سلام الرجل «الآدمي»الذي ما زلنا حتى اللحظة نحاول تفهم وضعه جراء الضغوطات الداخلية والخارجية التي تمارس عليه، كما انه يندرج تحت خانة ابداء الحرص على تجربة الاستقرار النسبي التي ظللت البلد منذ ولادة هذه الحكومة رغم المآخذ الكثيرة التي سجلت على ادائها.

ربما، لا تضمر 8 آذار بكلامها هذا نية «الشر» لسلام بقدر ما تحاول ايصال رسالة تحذيرية واضحة الى تيار «المستقبل»حول خطورة وضع الحكومة «رهينة» للمتغيرات الاقليمية، وكلنا يعلم، والكلام للمصادر القيادية في هذه القوى، بأن لبنان يمر الآن في مرحلة امنية بالغة الخطورة ولا يحتمل اية خطوة ناقصة سياسية كانت او امنية.

في حسابات هذه القوى، فان حكومة سلام تشكل صمّام الأمان الأخير لضمان الوضع الأمني ولاستمرار الحوار بين«حزب الله»و«تيار المستقبل»هذا في الشكل، اما في المضمون فان محاولة الفريق الآخر تفجير هذه الحكومة سيعد بمثابة اعلان وفاة «اتفاق الطائف» نهائيا وقلب الطاولة على الجميع، واذا كان البعض ما زال يعيش في هاجس« 7 أيار» فما بالهم اذا اسقطوا هذه الحكومة.

ولكن بعيدا عن لغة الاتهامات والتصعيد، أكدت المصادر ان دولا فاعلة دخلت على خط البحث عن حلول لمشكلة الحكومة، وفي هذا الاطار يجري التداول بحل يقوم على تأجيل الجلسات واعتكاف سلام بما يشبه «استقالة مقنعة» لحين نضوج ظروف اقليمية مناسبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة اخرى.

واضافت المصادر بأن المملكة العربية السعودية ابلغت اطرافا لبنانية، وكذلك الرئيس سلام، حرصها على الحكومة، ويمكن ادراج تمسك كل من رئيس «مجلس النواب»نبيه بري ورئيس« اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بهذه الحكومة وسعيهما للحفاظ عليها في اطار ترجمة حرص الدول الاقليمية والغربية والعربية على استمرارها.

ولفتت المصادر الى ان استمرار الجنرال ميشال عون في حركته الاحتجاجية مدعوما من «حزب الله» مختلف تماما عن مسألة تمسكنا كقوى 8 آذار باستمرار هذه الحكومة، وبمعنى اوضح وبالعربي الدارج نحن نؤكد بل ونجزم بأن احدا في لبنان او الخارج من اميركا وصولا الى ايران والسعودية «بدو ياها تستقيل».