من سيء الى أسوأ. توصيف يختصر الوضع في ​لبنان​ الآن. نفايات ستتراكم في الشوارع مجدداً بعدما امتلأت أماكن التجمع المؤقتة، وأمراض تستعد للانتشار في صيف حار يكرّس الأوبئة في أجسام الناس. ازمة كهرباء لم تفارق لبنان منذ ايام الحرب اللبنانية، ومشكلة الماء تتجدد مع كل منتصف فصل الصيف. لا تصدير للمزروعات جراء الاحداث السورية التي منعت مرور البضائع المصدرة الى الدول العربية. لا سياح أجانب ولا مصطافين عرب يأتون الى لبنان هذه الايام.

الأسوأ ان اللبنانيين يبتكرون ازماتهم. لا قدرة على انتخاب رئيس للجمهورية. لا توافق حول تعيين القيادات العسكرية والأمنية ما سيفرض التمديد حتماً، وان كان طرح يتقدم حول مشروع رفع سن التقاعد من 58 سنة الى 61 سنة.

لا امكانية لإنتاج قانون انتخابي جديد. والأخطر عدم الإعتراف بشرعية المجلس النيابي والسعي لإسقاط الحكومة من خلال تجميدها كما سائر مؤسسات الدولة.

فماذا ننتظر بعد؟

سوء الأحوال يدفع المواطن الى الاستنتاج: النظام السياسي سقط في لبنان بالتوازي مع سقوط أنظمة المنطقة بالقوة. الخطورة تكمن في طبيعة المرحلة. ليست هي انتقالية ولا تغييرية. هي أشبه بمرحلة السقوط في الهاوية. الأسوأ ان المواطن يتفرج. لو لم تكن الطائفية تتحكم بعقلية وممارسات الناس، لكان البلد شهد ولادة عشرين ثورة. وهنا الخطورة تبدو في تحول البلاد من الطائفية المقنعة الى الطائفية العلنية النظامية. هي مرحلة تفوق خطورتها زمن الحرب.

لا مسؤولية تقع على عاتق سياسي واحد بعينه ولا فردا واحدا بذاته. المسؤولية مشتركة في صناعة الأزمات ووجوب ابتكار الحلول.

ان يجري تجميد عمل مجلس الوزراء يعني لا رواتب للموظفين في الأشهر المقبلة. اساسا موظفو وزارة الثقافة و المحاكم الشرعية الجعفرية و الدرزية لم يتقاضوا أجورهم الشهر الماضي. كذلك لم يتقاضَ الاساتذة المتعاقدون رواتبهم أيضاً.

لن تكون هناك معاشات تقاعدية بعد اليوم ولا تعويضات نهاية خدمة. لا يوجد أموال مقوننة للصرف.

وزير المالية ​علي حسن خليل​ كان واضحا بالطلب من مجلس الوزراء إجراء الاستبدال والإصدار. فهل يتجاوب المجلس، خصوصًا أنّ خليل تعهد بعدم التوقيع على اي صرف يخالف الدستور، أم أنّ وزير المالية بالوكالة سيجرؤ على التوقيع خلال سفر خليل الى الخارج الاسبوع المقبل؟

الحل النهائي يكمن بإنعقاد جلسة تشريعية، خصوصا ان ​سلسلة الرتب والرواتب​ عادت لتفرض نفسها على الأولويات تحت طائلة تعطيل العام الدراسي كما هددت هيئة التنسيق النقابية.

الأزمات تكبر. ولبنان يخسر قروضا دولية هو احوج ما يكون اليها جراء عدم بت الاتفاقيات والمعاهدات.

الخطورة أيضاً ان لا امكانية لاستثمار النفط والغاز في البحر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، فيما الخطوات الإسرائيلية سريعة لاستخراج الغاز واستثماره.

ما بين الوقائع المالية والاجتهادات والتفسيرات لدفع وزير المالية الى الصرف، سيطل الوزير علي خليل في مؤتمر صحافي عصر الأربعاء لشرح خطورة ما وصلنا اليه. فهل يكفي وضع النقاط على الحروف؟