في نهاية الاسبوع المنصرم، لم تسلط الأضواء على الإشتباكات التي وقعت في ​مخيم عين الحلوة​، بين "الشباب المسلم" وحركة "فتح" على خلفية محاولة إغتيال مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني أبو أشرف العرموشي، بسبب المواجهات التي كان يشهدها وسط بيروت، بين المتظاهرين الغاضبين وقوى الأمن الداخلي، بالرغم من أن تداعياتها تكاد تكون أخطر على الإستقرار اللبناني، لا سيما مع توسع رقعة الإشتباكات على نحو غير مسبوق.

في نهاية الجولة السابقة بين الجانبين، نجحت المساعي في التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، لكن عاد ليسقط سريعاً نتيجة هشاشته مساء أمس، لكن هناك مجموعة من الحقائق التي ينبغي التوقف عندها، أبرزها أن ما يحصل لا يمكن وضعه في سياق عفوي بأي شكل من الأشكال، بل هو منظّم على أعلى المستويات.

في هذا السياق، تشبه مصادر قيادية فلسطينية، عبر "النشرة"، المواجهات المتكررة بجولات العنف التي كانت تشهدها مدينة طرابلس، على محاور القتال التقليدية بين جبل محسن وباب التبانة، مع تأكيدها بأن الأوضاع في عين الحلوة أخطر، بسبب تشابك الكثير من المعطيات الإقليمية والدولية فيها من جهة، ونظراً إلى تداعياتها الخطيرة التي لن تبقى محصورة في رقعة جغرافية صغيرة من جهة ثانية.

من وجهة نظر هذه المصادر، الأمر المؤكد أن هناك مجموعة مدعومة من قبل بعض القوى الفاعلة لا تريد الإستقرار والهدوء في المخيم، وهي تسعى بكل ما تملك من وسائل قتالية إلى تفجير الأوضاع مهما كان الثمن، وتجد أن السبيل لتحقيق هذا الهدف يكون من خلال عمليات الإغتيال، التي تستهدف القادة الأمنيين الفاعلين الذين يدورون في فلك حركة "فتح"، التي تقف في المقابل عاجزة عن القيام بأي خطوات عملية قادرة على وضع حد لها قبل فوات الأوان.

وفي حين تؤكد المصادر نفسها أن لدى قيادة "فتح" هذه القراءة لما يجري من أحداث في عين الحلوة، تلفت إلى غياب القرار الصارم بالتعامل معها، الأمر الذي يتطلب منها توضيح موقفها الفعلي من ملف حق العودة، خصوصاً أنها تعتبر أنه يأتي في سياق ضرب هذا الحق، الذي تعلن في كل مناسبة التمسك به، في وقت يشهد العالم تدمير المزيد من مخيمات الشتات من دون أن تحرك ساكناً.

من جانبها، تلفت مصادر معنية، من داخل عين الحلوة، إلى أن الجولة الأخيرة من المواجهات شهدت تبدلاً ملموساً، تمثل في قتال مجموعات "فتح" المختلفة، "التيار الإصلاحي" والسلطة المركزية بقيادة محمود عباس، في خندق واحد، خصوصاً أن الفترة السابقة كانت قد شهدت لقاءات بين الجانبين تم التأكيد خلالها أن الخطر الذي يتهددهما واحد، حيث الجماعات المتطرفة تعمل على إستهدافهما من أجل فرض سيطرتها على المخيم، وتشير هذه المصادر إلى أن هذه المجموعات نجحت في تحقيق تقدم نوعي، إلا أنها في لحظة ما توقفت نتيجة الإتصالات التي نشطت من قبل أكثر من جهة لبنانية وفلسطينية، والتي وضعت الحفاظ على أمن وإستقرار المخيم على رأس قائمة سلم الأولويات.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الخطوط الحمراء التي توضع أمام رغبة البعض في قيادة الحركة في عين الحلوة القضاء على المجموعات المتطرفة تثير حولها الكثير من علامات الإستفهام، لا سيما أن تلك المجموعات تؤكد في كل مرة أنها لن تتراجع عن المخطط المطلوب منها تنفيذها، وتتوقّع عبر "النشرة"، أن تبتعد عن الواجهة في المرحلة الراهنة، نظراً إلى أن عملية إغتيال قائد كتيبة "شهداء شاتيلا" العقيد طلال الأردني لم يمض عليها وقتا طويلا، لا بل لم تهدأ الأوضاع في نفوس ضباط وعناصر "فتح" الراغبين بالإنتقام، إلا أن المفاجأة كانت بأنها قررت الإستمرار في مشروع عبر محاولة توجيه ضربة جديدة، ما يعني أنها مطمئنة لعدم حصول أي ردة فعل رادعة.

إنطلاقاً من هذه المعطيات، تعتبر هذه المصادر أن عودة الإشتباكات إلى أحياء عين الحلوة مساء أمس كانت متوقعة، وتشدد على أن تلك الجماعات ستبحث عن أي فرصة لتوجيه ضربة جديدة إلى "فتح" عبر عمليات الإغتيال، لا بل هي ترى امكانيّة أن تعمد إلى إثارة الفتنة بين الفصائل الوطنية والإسلامية في المخيم، خصوصاً أن موقف بعضها لا يزال ملتبساً مما يجري، في حين المطلوب من الجميع الوقوف صفاً واحداً لمنع إنجرار الأوضاع إلى المجهول.

في المحصلة، الأوضاع في عين الحلوة هي الأخطر على الصعيد اللبناني، هناك من يسعى إلى تفجيرها عبر إفتعال المواجهات المسلحة، والمجموعات التي تتولى تنفيذ هذا المخطط لا تبعد في التوجهات عن التنظيمات الإرهابية المنتشرة على مستوى المنطقة.