مجدداً قرر ميشال عون ان يعود الى الشارع الذي لم يغادره اصلاً، ولكن هذه العودة تبدو الى حد ما مختلفة في توقيتها وفي شكلها ومضمونها، فعون أراد ان يعود الى التحرك في حين فتحت ابواب الاتصالات بين المختارة والرابية ومع عين التينة والمصيطبة على ما يكاد يلامس الحلول بعدما شعر الجميع بان عون لن يتراجع وماض في التصعيد الى النهاية مع انسداد افق التسويات خصوصاً ان لا شيء بعد يملكه ليخسره بعد التمديد للقيادات الامنية الذي عارضته الرابية بشدة وبعد ما اصاب الرئاسة الاولى من فراغ طويل الامد، وقرر رئيس الاصلاح والتغيير العودة الى الشارع في وقت تواجه الحكومة اصعب ايامها بعد حملة «طلعت ريحتكم» عليها وعلى الطقم السياسي الفاسد وبعد التعطيل الي يمارسه وزراء عون وحلفائهم في مجلس الوزراء، على ان عون اراد، كما تقول اوساط مقربة، هذه المرة العودة من الباب العريض، فالدعوة من اعلى مرجعية في الرابية ومباشرة على الهواء حملت عناوين التحدي لكل الاطراف، لمن سرق من الرابية وهج تحركها وصادر شعاراتها التي ناضلت من اجلها خصوصاً ان تلك الشعارات تتكامل مع شعارات «طلعت ريحتكم» والرابية نفسها تعتبر انه تم استنساخها من شعارات العونيين وبعد رفض تحرك «طلعت ريحتكم» مشاركة كل الاحزاب والقوى السياسية في تحركها وساوت فيما بينهم في الفساد وضرب الحياة السياسية والاجتماعية.

وترى الاوساط ان تحرك 4 ايلول يحمل عناوين ورسائل في اتجاهات كثيرة، فالرابية تريد ان تصوب البوصلة وتقول للجميع «هذه شعاراتي ومطالبي ومواقفي» منذ العام 2000، اما الدعوة قبل اسبوع من تاريخ التحرك فمعناه ان عون قرر رفع سقف التحدي رغم ان مؤتمره الصحافي الاخير اتسم بالهدوء حيث اعاد تجديد واحياء مبادراته المتعلقة بانتخاب رئيس من الشعب واجراء انتخابات نيابية على اساس النسبية.

الرسالة الاكثر بلاغة تضيف الاوساط هي ان التحرك سيكون برضى وباتفاق مع الحليف الاساسي في حزب الله، ولا يمكن ان يحصل من الرابية الى حارة حريك للمشاركة فان زعيم الرابية يطمئن بان «ظهره» محمي في اي تحرك وبان حليفه الى جانبه في السياسة وان كان يرفض استقالة الحكومة. وإذا كان كما تقول الاوساط لم يصدر اي موقف رسمي يؤكد مشاركة حزب الله في تحرك الجمعة فالأرجح ان حزب الله لن يصدر تعميماً حزبياً في هذا الشأن، إلا ان الجمهور الشيعي في الضاحية سيجد نفسه منحازاً الى التظاهرة لأنه يكن المودة للحليف المسيحي في الرابية ويرغب في الكثير من المحطات «رد الجميل للجنرال». وترى الاوساط ان عون لا يمكن ان يطلب من الحزب مجاراته في الشارع لعلمه بحراجة موقف الحزب وانشغالاته رغم ان رسالة الامين العام السيد حسن نصرالله كانت واضحة بانه لن يخلي الساحة وترك حلفائه رغم الحرب السورية كما لن يسمح بكسر عون وعزله وهو يقف الى جانب حليفه في ملف الرئاسة وفي مجلس الوزراء.

وفي حين ان تحرك يوم الجمعة سوف يثبت متانة العلاقة مع حزب الله وقدرة الرابية على الحشد «فان حرارة العلاقة مع المستقبل ورئيس الحكومة ما دون الصفر، تؤكد الاوساط، وفي حين يظهر زعيم المختارة وداً استثنائياً ويحمل موفدوه حلولاً انقاذية الى الربية، فان العلاقة مع رئيس الحكومة «ليست تمام» بسبب موقف سلام وتعنته ووقوفه في مجلس الوزراء بمواجهة وزراء عون، إذ كان واضحاً ان سعد الحريري هو الذي خالف قواعد اللعبة مع ميشال عون وانقلب على وعده بتعطيل الملف الرئاسي وانجاز التعيين في قيادة الجيش، فان رئيس الحكومة لم يفعل بالمثل بل مارس منذ البداية سياسة التعنت مع الرابية والتمسك بما يراه من حقه والثوابت الحكومية، فالواضح ان الخلاف السياسي مع رئيس الحكومة قطع اشواطاً ومسافات طويلة يصعب العودة منها، هذا الخلاف وصل الى حد اتهام العونيين لسلام بالكيدية ومصادرة حقوق المسيحيين وبانه يتصرف في مجلس الوزراء كرئيس للجمهورية ورئيس لمجلس الوزراء في الوقت نفسه، وعليه توالت ردود التيار تارة من السراي والشوارع المحيطة على استهداف التيار من قبل رئيس الحكومة في محاولة عونية لوقف التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية وتوقيع القرارات في مجلس الوزراء وطوراً من ساحة الشهداء مكان التظاهرة المقبلة.

برأي العونيين فان البلاد مع رئيس الحكومة لم تعد «تمام» وكذلك العلاقة ايضاً فرئيس الحكومة هو من دفع التيار الوطني الحر الى الشارع، وهو المشارك الفعال في التمديدين الأول والثاني لمجلس النواب والمحرك مع تيار المستقبل للتمديد لقيادة الجيش فيما اتهامات الرابية تطول ايضاً بحق سلام فان الأخير يعتبر ان طموحات الرابية تجاوزت السقف المحدد لها، وان عون نال اكثر من حقوقه وحجمه وانه المتهم الرئيسي بتعطيل الانتخابات الرئاسية وعمل الحكومة.