اعتبرت مصادر ديبلوماسية غربية أن "نتائج التدخل العسكري الروسي في سوريا وتأثيره على الوضع اللبناني غير محددة حتى الآن. فالاستراتيجية الروسية ما زالت ضبابية بالنسبة إلى العديد من الدول الغربية التي لم تتمكن حتى الآن من تحديد الأهداف الحقيقية للتدخل في سوريا، وهناك أهداف متعددة، وللتدخل الروسي في مرحلة ثانية ارتدادات على الوضع الداخلي اللبناني".

وأكدت هذه المصادر للـ"النهار" أن "تدخل موسكو العسكري كان هدفه المعلن حماية النظام السوري من الانهيار عسكريا. فالعديد من المدن السورية كدمشق وحماه وحمص وحلب كانت مهددة بالسقوط بين أيدي المتمردين السوريين، وهذا التهديد كان كفيلاً بتهديد المؤسسات السورية عموماً وتحويل سوريا الى ليبيا اخرى. وهذا الواقع كان يمكن أن يهدد الأمن الداخلي اللبناني نظراً إلى التشابك داخل الملفات. لكن التدخل الروسي في سوريا قد يؤدي الى العديد من السيناريوات وفق الأهداف الاستراتيجية التي تريد موسكو الوصول اليها".

وتساءلت المصادر: "هل ان التدخّل الروسي هو لحماية المؤسسات السورية او لحماية النظام البعثي، أو لحماية بشار الأسد؟ أو لإعادة رسم خرائط المنطقة؟"، مشيرةً الى ان "سيناريو الارتدادات قد تكون إيجابية أو سلبية على الوضع الداخلي اللبناني،"فحماية المؤسسات من الانهيار قد يكون لها تأثير إيجابي على الوضع الداخلي اللبناني" لأن ​روسيا​ لن تكون جانباً في الصراع القائم بل عامل استقرار في سوريا". وهو الهدف الذي تبحث عنه الدول الغربية لأنها في نظر هذه المصادر "لا تريد انهيار الدولة بل المحافظة على المؤسسات".

ولفتت المصادر الى ان "سيناريو حماية النظام من خلال تدخلها العسكري للقضاء على أطياف المعارضة الراديكالية وتنظيم "داعش"، فإنه يقدّم إلى النظام عموماً والأقليات خصوصاً والمعارضة المعتدلة، الحماية الكفيلة بالدفاع عنهم من هجمات الارهابيين، وهو سيناريو إيجابي هدفه توصل الأفرقاء في ما بعد إلى حكم انتقالي يشارك فيه جميع أطياف الشعب السوري، على أن يحدد مصير الرئيس الأسد وصلاحياته عند بدء عمل الحكومة الانتقالية".

وأوضحت المصادر أن "هذا السيناريو بالطبع عامل استقرار بالنسبة الى لبنان وقد يساعد على حلحلة التعقيدات السياسية الداخلية وتأمين سد الفراغ الرئاسي والاتفاق على رئيس توافقي وشروع مجلس النواب في عمله التشريعي وفي مقدمه قانون انتخاب جديد وعصري واعادة اللحمة الى داخل الحكومة وفك الجمود السياسي".

واشارت المصادر الى انه "اذا كان السيناريو غير المعلن من موسكو هو دعم الرئيس السوري بشار الاسد للبقاء في الحكم من دون اي تغيير في السلطة فعنوانه دخول روسيا حانبا في الصراع السوري الى جانب الاسد وحلفائه، وقد يؤدي ذلك الى أفقين. الاول هو إرادة المحافظة في أي شكل على النظام لأنه الوحيد الذي يضمن لها استمرار وجود قواعدها العسكرية في سوريا، ولكنه قد يؤدي الى حرب أهلية تحت غطاء دولي واقليمي طويل الامد، وأولى نتائجه عداء بين الروس والعرب، وارتدادات ذلك ليست فقط على سوريا بل على المنطقة وبالأخص على لبنان بعد تحول الوضع فيه من مستتب الى قلق".

وشحرت المصادر ان "الأفق الثاني، وهو الأخطر على المدى الطويل، فهو اتجاه الى تقسيم سوريا الى دويلات أهمها من جهة الدولة العلوية التي ستكون مركزاً للقواعد الروسية بعد فشل الحلول الباقية، ودولة الخلافة الاسلامية من جهة أخرى. وهذا السيناريو هو مشروع حرب طويلة"، معتبرةً ان "هذا ما يفسر الغارات الروسية على المناطق الفاصلة بين هاتين الدولتين لتحديد الحدود وفرز السكان. وقد يؤدي هذا الاتجاه الى اعادة رسم خرائط المنطقة وتسجيل انتصارات وهمية من المشاركين في الصراع، وستكون عواقبه خطيرة على لبنان الذي لا يمكنه الصمود في مواجهة تحديات هذا الصراع أمنياً وسياسيا واجتماعيا، وقد تطول الأزمة عندئذ لترابط الملفين حتى الحل في سوريا".