لفت رئيس الحكومة تمام سلام في كلمته في قمة الدول العربية ودول اميركا الجنوبية، الى أن "هذا المؤتمر يشكل أداة فريدة للتعاون الإقتصادي والتبادل الثقافي بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية"، مشيرا الى أن "لبنان يشعر بأنه يَحظى في هذه القمة بميزة خاصة، بسبب الحضورِ الراسخ للجاليات اللبنانية في العالم العربي وفي أميركا الجنوبية، الذي يسمح لها بلَعبِ دورِ صلة الوصل بين الجانبين".
وأوضح أن "قادةَ الدول العربية ودولِ أميركا الجنوبية المجتمعين هنا اليوم، يُمَثّلون مليار إنسان، ووزناً إقتصادياً يقارب الثمانية آلاف مليار دولار"، متسائلا: "كيف لنا أن نستثمر هذه القدرةَ الجبارةَ لتحسين ظروف عيش الناس في بلداننا؟ الجواب هو تَزخيمُ التعاون بين الجانبين"، مذكرا أنه "في قِمّة ليما الأخيرة، تم اقتراحُ آليات للتعاون من بينها إقامةُ مصرفٍ استثماري يُموَّل من القطاعين الحكومي والخاص، ليَتَولّى مشاريع التنمية الكبرى في المنطقتين".
وشدد على أنه "من الضروري المباشرة في تنفيذ هذا الاقتراح، لما له من نتائج فورية، سواءٌ لجهة خلقٍ فرص عمل او لخفض مستويات الفقر. من جهة أخرى، نحن نحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى معالجة المشاكل الإقتصادية والإجتماعية باعتبارها السبب الرئيسي وراء انتشار التطرف والعنف"، معتبرا أن "التطبيق العملي لهذا التصور يتم عبر انشاء امانة عامة دائمة لمجموعة التنسيق التنفيذية التي نص عليها اعلان الدوحة العام 2009، تكون مهمتُها نسجَ علاقاتٍ أوْثَق بين بلداننا. ونحن في لبنان يسرُّنا أن تكون عاصمتُنا بيروت مقرّاً لهذه الأمانة العامة".
وأضاف: "إنّ حجم التحديات التي تواجهُنا كبير. فالإرهابُ والتهجيرُ والفقرُ والتنميةُ والأمنُ الغذائي والصِّحةُّ والتعليمُ والتغيُّرُ المناخيّ، كلُّها وصلَتْ الى مستويات تُحتّم علينا تبنّي ردودٍ فوريّةٍ مشتركة"، معتبرا أن "مفتاحَ هذه الردود هو الإرادة السياسيّة، وأنّ مصلحتَنا المشتركة تقتضي إدراكَ أهميةِ الاستقرار الذي لا يُمكن تحقيقُه من دون اعتماد السياسات التنموية الشاملة ونهجِ الاعتدال، الذي هو نقيض التطرّف المسبّب لعدم الاستقرار".
وأكد سلام أن "الاعتدال لن ينتصر على التطرّف، الا بإحقاق الحقّ ورفعِ الظلم التاريخيّ، الذي يتجسَّدُ في منطقتنا بمأساة الشعب الفلسطيني. هذا الأمرُ لن يتحقق الا باقامة سلام دائم وعادل في الشرق الاوسط، يُعطي الأمل للشعب الفلسطيني ولشعوب المنطقة".
وأشار الى أن "المنطقة العربيّة تشهد أحداثاً بالغةَ الخطورة تسبَّبَت بخسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، وبانهيار هياكل الدولة المركزية، وتفتيت الكيانات الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي فيها"، لافتا الى أن "الشرق الاوسط، شكّل على الدوام حاضنةً رائعة لتعايش القوميات والاديان، لكنّه بات للأسف مرتعاَ للارهاب الظلامي الذي يَعيثُ فساداً باسم الدين الاسلامي العظيم".
ورأى سلام أن "هذا المشهد المريع مُعرّضٌ للاستمرار والتفاقم لسنوات طويلة، مع ما يعنيه ذلك من مخاطرَ على الدول المحيطة بمناطق النزاع، بل على العالم أجمع"، مشددا على أن "الحلولَ لا تكمُنُ في الاستمرار بالتقاتل ولن تأتي إلا من طريق مساراتٍ سياسية تتولّاها شعوبُ الدول المعنيّة، بمساعدة الأسرة الدوليّة".
وفي ما يخصّ الأزمة السورية، أكد أن "لبنان الذي التزمت حكومتُه ولا تزال، سياسةَ النأي بالنفس تجاه ما يجري في سوريا الشقيقة، يعتبرُ أنّ حلَّ هذه المشكلة يكمُنُ في تسوية سياسيّة، تضع حدّاً لسفك الدماء، وتحقّق طموحات الشعب السوري في العيش بسلام وحرّية وكرامة"، معلنا تأييدَنا لـ"الجهودَ الدبلوماسيّةَ التي تبذُلُها الدولُ المعنيّة بالأزمة السوريّة، ونأملُ أن يؤدّي المسارُ الذي بدأ في فيينا، إلى فتح نافذة تؤدّي الى حلّ يعيد الأمن والسلام إلى ربوع سوريا العزيزة".
وأضاف: "تعرفون جميعاً أنّنا في لبنان نمرّ بأزمة سياسية حادّة، نتيجة شغورِ موقعِ رئاسة الجمهورية منذ عام ونصف العام. ونحن نأمل أن تتمكّن القوى السياسية اللبنانية، من التوافق على انتخاب رئيس لوضع حدّ للخلل في مؤسساتنا الدستورية"، مؤكدا أن "هذه الأزمة، لم تنعكسْ على وضعِنا الأمنيّ، بفضل التضحيات التي يبذلُها جيشُنا وقوانا الأمنيّة في المعركة مع الارهاب".
وأشار الى "اننا في لبنان، نعاني من وجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري على الاراضي اللبنانية، يشكلون عبئاً لا مثيل له في العالم بالنسبة إلى بلد بحجم بلدنا. ويواجه لبنان هذا التحدّي، بإمكاناته المحدودة وبمساعدات من الجهات المانحة، لا تَرقى للاسف الى المستوى المطلوب بعد".