منذ شهر ونيّف، عانى أهل النبطية والجنوب من فترة استثنائية على الصعيد الامني، فتشدّدت الاجراءات مع تزايد المخاوف من أعمال ارهابية تضرب تلك المنطقة المعروفة بولائها اللبناني، ولكن بفضل الاجهزة الامنية على اختلافها واحزاب المنطقة، استطاعت المدينة ان تبقى سالمة، ولكن في هذه الايام يبرز خطر جديد في النبطية وقرى المحيط، يسميه أحد المصادر المطلعة لـ"النشرة" بـ"الحرب التجسسية".

في الأيام العشرة الماضية وحتى يوم الاربعاء، تمكنت مخابرات ​الجيش اللبناني​ في النبطية من توقيف أكثر من عشرين شخصا سوريا تبين تورط بعضهم بأعمال تجسسية أمنيّة ضد المنطقة، ومن ابرز ارتكاباتهم حسب المصادر "التجسس على الجيش اللبناني، وتجميع المعلومات عن حزب الله ومراكزه وكوادره، كذلك عن مسؤولي حركة أمل، وخصوصا اولئك الذين يتعاطون بالشق الامني والعسكري في الجنوب".

وتضيف المصادر لـ"النشرة": "ثلاثة عشر موقوفا اعترفوا حتى الساعة وهم بمعظمهم يعملون لحساب منظمات ارهابية سورية على رأسها "​جبهة النصرة​" وتنظيم "داعش"، ولو بنسب متفاوتة، وعملهم جمع المعلومات وارسالها عبر الواتساب والفايسبوك الى مشغليهم، أوعبر نسوة تم تجنيدهن للسفر الى سوريا ونقل المعلومات". كما تبين ان اغلب هؤلاء يملكون وثائق مزوّرة بهدف اطالة اقامتهم في لبنان ومحاولة اخفاء اسمائهم عن السجلات الرسمية اللبنانية.

كذلك علمت "النشرة" من مصادر خاصة ان "حزب الله" استطاع بالتعاون مع ​مخابرات الجيش​ بالنبطية من الوصول الى معطيات امنيّة افضت الى قيام المخابرات بتوقيف "ماجد م." الذي ضبط في خراج بلدة حبوش وهو يقوم باتصالات مع مسؤولين في "النصرة" لتزويدهم بمعلومات عن الحزب، مشيرة الى أنّ مخابرات الجيش استطاعت ضبطه من خلال معدّات حديثة للغاية يتم استعمالها لمكافحة الارهاب. وتضيف المصادر: "كما في حبوش كذلك في كفر رمان حيث تم ضبط شقيقين هما محمد ث. وثلجي ث.، وهما يشكلان شبكة تجسسية تحت قيادة "ع. م." الذي تم توقيفه قبيل ساعة من مغادرته لبنان بحرا الى سوريا". وهنا تؤكد المصادر ان "ع. م" يشكل بالنسبة للاجهزة الامنية الصيد الأثمن نظرا لدقة عمله وحدة ذكائه في الحروب التجسسية، مشيرة الى انه يخضع الان لتحقيق منوط بدائرة ضيّقة فقط. وتكشف ان موقوفا آخر هو ايضا من الارهابيين الخطرين قد أصبح بقبضة الامن دون الكشف عن تفاصيل اضافية.

في ظل كل ما يجري ولأن المسألة لم تعد متعلقة بسيارات مفخخة او انتحاريين بل تعدّتها لتصل الى حرب باردة تجسسية، تكشف مصادر مطلعة ان اجراءات جديدة بدأت مخابرات الجيش اللبناني باتّخاذها وهي أولا الطلب الى البلديات تزويدها لوائح اسمية بالنازحين السوريين في بلداتهم تتضمن اسم النازح ورقم هاتفه وعنوان سكنه والبلدة التي نزح منها في سوريا، وعدد افراد عائلته لاسباب امنية، وذلك لحصر أعداد النازحين وتموضعهم وانتشارهم في القرى والبلدات الجنوبية، بغية الاطباق على اي شخص مشبوه خصوصا بظل تعاون يومي بين اجهزة الدولة واحزاب المنطقة. وثانيا الطلب من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تتعاطى مع النازحين من خلال تقديم الدعم لهم تزويدها ايضا باللوائح الإسمية وكيفية صرف المساعدات لأسباب أمنية. وثالثا حسب المصادر تشديد المراقبة على كل الوافدين الجدد من النازحين الى المنطقة الجنوبية بدءا من منطقة الاوّلي بصيدا حيث قامت مخابرات الجيش منذ ساعات بتوقيف 5 نازحين في منطقة بقسطا في صيدا".

وفي موازاة ذلك تشهد النبطية والقرى المحيطة بها استنفارا حزبيا وحراسات ليلية بالتنسيق مع الاجهزة الامنية، حيث تبدأ الدوريات في الاحياء والشوارع عند منتصف الليل وتستمر حتى السادسة صباحا، ولو بشكل خفي في اغلب الاحيان لتجنب نشر التوتر.

منذ فترة تنبه أمن "حزب الله" الى ان فيديوهات مصورة لتشييع البعض من عناصره يتم عرضها عبر مواقع الكترونية تابعة للتنظيمات الارهابية بسوريا، وتبين أن "نازحين" سوريين يصوّرون ويرسلون المواد الى تلك التنظيمات لعرضها، فاتخذ يومها بالتعاون مع مخابرات الجيش الاجراءات اللازمة.

وما يجري اليوم يندرج أيضا في نفس السياق، فالهدف هو محاربة الارهاب بكافة اشكاله، ففي الجنوب تعمل مخابرات الجيش اللبناني الى جانب امن "حزب الله" والاجهزة الامنية الاخرى، من خلال المراقبة الكثيفة والتوقف عند أيّ تحرّكات مريبة يتمّ رصدها، وذلك للحفاظ على الأمن أولاً وأخيراً.