وجد "فتى الكتائب" امس ضالته في مجلس النواب لـ"يعوض" بعض الحضور السياسي، وتوجيه الانتقادات يميناً ويساراً بعد "عدم التوفيق" في المؤتمر الصحافي الاخير، الذي تبع ترشيح حكيم معراب لجنرال الرابية الى الرئاسة الاولى. ورغم الانطباع السلبي حول تصريحات فتى بكفيا المليء بالعنفوان والتمرد، عنفوان اخيه الشهيد بيار وتمرد ابيه العنيد امين، الا ان العنفوان رمز للشباب والحيوية والاندفاع والعطاء والرغبة في التقدم والمثابرة لتحقيق الاهداف لكنها صفات لا تصنع المعجزات وحدها على اهميتها، فهذه المزايا لا تعيد الحيثية المسيحية الاولى الى الكتائب من "فم التنين" اي تحالف "الاخضر" و"البرتقالي". فحتى اليوم لم يهضم الكتائبيون الحافرين على صخور "الجبهة اللبنانية" بعد كيف ان حزباً خرج من رحم حزبهم ليبرز خلال الحرب الاهلية وليعيد ترتيب نفسه خلال 11 عاماً من خروج زعيمه من السجن وبعد سجنه وحل الحزب ايضاً لاكثر من عقد من الزمن.

كما لم يستوعب الكتائبيون وعلى رأسهم "العنيد" امين ان هناك جنرالاً "بث فيه القلق" خلال فترته الرئاسية ولم تنته مخاوفه من تسليمه الحكومة العسكرية حتى مغادرته الى المنفى الباريسي. اليوم هذا الجنرال لا يمثل حالة تسونامية شعبية وسياسية فقط، بل من اجل عيونه تدق طبول الحرب الرئاسية إما عون او الجنرال.

العند والتصميم والارادة في الجميل الابن والتي يشبه فيها ابيه ايضاً، صفة متلازمة لرجل السياسة اذا ما اقترنت بالوعي والحكمة واقتناص الفرص والاستفادة من تجارب ودروس وعبر الماضي. ولا ضير ان هذا لا ينقص ابناء بكفيا من آل الجميل وقدامى الحزب. وهم كثر وممن زالوا على ودهم واخلاصهم وحبهم للمؤسس بيار رغم رجوعهم الى "الحدائق" الخلفية وتفضيلهم البقاء في هذه الفترة بعيداً من الاضواء والبهرجة والاعلام، وخصوصاً لاعتقادهم ان الفرصة متاحة لتجديد الحزب بدماء وكوادر جديدة برئاسة سامي.

التقارب القواتي- العوني لم يكن يعتقد الكتائبيون وخصوصاً آل الجميل انه سيكون سريعاً وعميقاً الى هذه الدرجة. حتى ان سامي كان يردد في مجالسه ان هذا التقارب لو حصل سيكون على الهامش ومن دون نتيجة تذكر وانه لعب في الوقت الضائع. ويعتقد متابعون للعلاقة العونية - القواتية ان سامي على حق ولم يكن اكثر المتفائلين تفاؤلا ان يصل التفاهم واعلان النيات الى ترشيح رئاسي. الانطباعات التي وصلت من بكفيا الى الرابية ومعراب اوحت ان الجميل الابن فوجىء بهذا التقدم وبدل ان ينتظر ليستوعب "الصدمة" خرج بمؤتمر صحافي لم يكن موفقاً. ويضطر بعده الى اعادة لملمة بعض المواقف المرتفعة التي تخدم كتائبياً لرفع "الدوز" الشعبي لكنها لم تلق الصدى المطلوب عند الرابية ومعراب.

اليوم لا يعتقد اهل الرابية ان آل بكفيا في وارد "الالتحاق"، بــ"إعلان معراب" بغض النظر عن الاشارات "الملتبسة" التي يبديها الكتائب. فهو من جهة يريد "مانيفستو" رئاسيا من العماد عون والوزير فرنجية، ومن جهة ثانية يذهب ليلاقي حزب الله حليفهما، منهما يريد ان يقدما "الطاعة" الرئاسية لولي الامر في الرياض وان يقدما اوراق اعتماد رئاسية هناك لا في "الحارة" او طهران او دمشق، بينما هو في المقابل تدفع به شكوى قضائية الى طرق ابواب الضاحية مرات عدة. هو ليس مضطرا الى التوضيح او المسايرة او التخفيف من مشهدية الصورة مع نائب الامين العام لحزب الله، فالحزب يكلف النائب علي فياض رسمياً ومسؤول ملف الاحزاب متابعة العلاقة مع الكتائب وملاقاة النائب ايلي ماروني وشخصيات حزبية اخرى للخوض في العموميات والنقاش في كل القضايا واهمها التي يلتقي فيها حزب الله والكتائب هوية لبنان، ووحدته. بينما تترك الملفات الخلافية جانباً على غرار ما يجري في حواري عين التينة الثنائي والوطني السياسي. ورغم ان الكتائب لا يمانع في البوح ان حياد لبنان وتدخل حزب الله في سورية ليس مضراً ،كما "نعلن في الاعلام، بل نعتقد انه مفيد لبقاء لبنان والمسيحيين"!

واذا كان من المفروغ منه ان حزب الله سيبقى على وفائه لمرشحه الاول ميشال عون، حتى ينتخب، او ينسحب او يسمي فرنجية، لن ينتقل الى خطة باء من دون موافقة العماد عون، فإنه حتماً ايضاً لن يذهب بعيداً في العلاقة مع الكتائب على حساب تحالفه معه .

لذلك لا مانع عند العنيد امين والفتى المتحمس سامي ان يؤكدا انهما وحزبهما موجودون وهم هنا. فإذا اغلقت كل المنافذ في وجه الاقطاب الثلاثة سمير وميشال وسليمان، فأمين اكثر الثلاثة حظوظاً وهو الاقرب الى بعبدا منهم. واذا لم تنجح التمنيات المشروعة فلا ضير من بعض وزارات ومقاعد نيابية. فاليوم للكتائب 5 نواب و3 وزراء فإذا تغيرت التحالفات فعلياً بعد إعلان معراب من يضمن وكيف يضمن المستقبل؟