أقيمت ورشة عمل بعنوان "الحراك المدني في لبنان، أمل بالتغيير"، بدعوة من المركز الدولي لعلوم الإنسان- جبيل ومؤسسة "هانز زايدل"، شارك فيها أساتذة جامعيون في الحقوق والعلوم السياسية والاجتماعية والفلسفة، وناشطون في الحراك المدني، ووفد من المؤسسة الألمانية.

واشارت الورشة في التوصيات الى انه انطلاقا من حتمية تاريخية مآلها أن التغيير حاصل لا محالة، فإن النظام اللبناني سوف يسلك هذا السبيل، عاجلا أم آجلا، وللشباب دور أساسي في إنضاج عملية التغيير وتحمل أعبائها. ودعت لتغليب العوامل الداخلية في حراك المجتمع المدني اللبناني، بعيدا من المؤثرات الخارجية، على أهمية هذه المؤثرات والدور الذي قد تؤديه، وعدم الجنوح إلى مقولة المؤامرة في تقويم كل فعالية من الفعاليات. ولفتت الى حاجة المجتمع المدني، وهو ليس نظام سلطة، إلى وعي متزايد، يؤول نهاية المطاف إلى فتح ملف السلطة على المدى الطويل وإلى الآخر، وصولا إلى التغيير الجذري المطلوب، وذروته إقامة الدولة المدنية، بكل محمولاتها ومندرجاتها، ولعل أبرز العناوين في هذا المجال، وضع قانون للانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية.

واعتبرت إن الحراك المدني في لبنان الذي شهدنا فصوله صيف 2015، ليس مقطوع الجذور عن سلسلة من التحركات المؤثرة شهدها تاريخ لبنان الحديث، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد النقابي والمطلبي العام.

واعتبرت انه في تقويم للحراك المدني، لا بد من التوقف عند نقاط القوة ونقاط الضعف التي وسمته، في نقاط القوة: في مواجهة التكلس المجتمعي والحالة الاستنقاعية، كانت لفعاليات هذا الحراك المدني أن تؤدي إلى كسر حاجز الخوف وإلى صحوة عارمة لدى مختلف الشرائح المجتمعية، وليتبدى ذلك في التعاطف الشعبي الواسع مع الحراك. وشكل الحراك حركة عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق والتحزب الضيق، وكانت الغلبة للطابع المطلبي الجامع. وقد شكلت الشرائح الشبابية، ولا سيما طلاب الجامعات، العمود الفقري للتحرك، مع حضور وازن للعنصر الأنثوي.

اما في نقاط الضعف، بحسب التوصيات، يفتقر الحراك المدني إلى هيكلية تنظيمية وإلى قيادة موحدة، وعدم التفاهم على أجندة عمل، تتحدد فيها المطالب، وفق أولويات، مما أدى إلى عشوائية المطالبة. والتشوش لدى أكثر المنضوين إلى الحراك، ولا سيما قياداته، إذ ينقص هذه القيادات، بغالبيتها، التشكيل الفكري والسياسي الكافي، ناهيك عن الخبرة في إطار العمل العام ومنعرجاته. وقد أفضى ذلك إلى ضبابية في الطروحات، وإلى التردد في العديد من المواقف، وبما يصل إلى حد التناقض بين رؤية فريق وآخر. وعدم اعتماد خطة للتحرك العملاني واضحة المعالم، مما وسم التحرك أحيانا بالارتباك، ولا سيما لجهة انتقاء الأهداف التي يتم التوجه إليها.

ولفتت التوصيات الى انه تأسيسا على ما تقدم، وبهدف استنهاض الحراك المدني الذي يمر راهنا في حالة من الهمود، لا بد من الدعوة إلى مؤتمر عام لكل تشكيلاته، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والأهلي غير المستتبعة لأطراف سياسية أو طائفية، وصولا إلى وضع هيكلية تنظيمية، وعلى أن تقود الحراك قيادة جماعية، على أساس برنامج عمل موحد، وعلى أن يشمل التحرك سائر المحافظات، لا أن يقتصر على العاصمة بيروت. ودعت الى إجراء حوار من قبل قيادة الحراك المدني مع مختلف التشكيلات السياسية والأطر المتعاطية الشأن العام، حول توجهات هذا الحراك والأهداف التي يسعى إليها. وإذا لم يكن ثمة إمكان، عبر هذا الحوار، لكسب شرائح جديدة من خارج تشكيلات الحراك، فأقله تحييد هذه التشكيلات السياسية وعدم استعدائها مجانا".