اتخذت اسرائيل خطوة غير مسبوقة منذ فترة حين عقد مجلس وزرائها اجتماعاً في ​الجولان​ المحتل، واعلن رئيس الحكومة ​بنيامين نتانياهو​ بشكل علني ان الجولان تابع لاسرائيل ولا رجوع عن ذلك.
يعلم نتانياهو تماماً ان ضم الجولان يحتاج، كأي ارض عادية، الى اثبات ملكية اي الى مستند رسمي وهو يجب ان يصدر عن الامم المتحدة، ولكنه لم يصل الى هدفه الرسمي بعد ان رفض مجلس الامن الاعتراف بهذه الخطوة.
في المقابل، يعلم السوريون والعالم اجمع، ان سياسة الامر الواقع هي التي تسود عملياً وتبقى قائمة حتى دون مستند رسمي، على غرار ما يحصل مع الفلسطينيين في ارضهم التي يحتلها الاسرائيليون منذ عقود من الزمن ويسيطرون عليها بالقوة.
هذا يعني انه عملياً، ستبقى الجولان اسرائيلية ولكنها ستظل رسمياً خارج اسرائيل، من هنا كانت رغبة نتانياهو في تأمين ضمان بقائها خارج التسويات التي ستشهدها المنطقة. لم يجد رئيس الوزراء الاسرائيلي حرجاً في التوجه الى ​روسيا​ ومقابلة رئيسها فلاديمير بوتين للبحث معه في سلسلة مواضيع حول الوضع في سوريا والتنسيق لتفادي اي احتكاك جوي مع موسكو (على غرار ما حصل مع تركيا)، ومن الطبيعي ان يحضر موضوع الجولان على الطاولة.
اراد نتانياهو الاطمئنان الى ان روسيا التي باتت "رابضة" في سوريا، لن تسمح بأن يكون الجولان موضع مناقشة على طاولة المفاوضات، وهو اعتبر ان موسكو باتت اقرب اليه من واشنطن بسبب التوتر الذي حصل مع الرئيس الاميركي باراك اوباما والذي لم ينته بعد رغم الصورة العلنية التي توحي بأن الامور على ما يرام بينهما. وفي انتظار الانتخابات الرئاسية المقبلة، يتوجب على نتانياهو التنسيق مع الروس وحثهم على التفاهم مع الاميركيين حول ابقاء الجولان خارج اللعبة، اي اقله استمرار الوضع على ما هو عليه حالياً.
في مقابل التحرك الاسرائيلي، هناك غياب تام للسوريين عن المسالة، وهم اكتفوا بالحل الدبلوماسي الذي لم يغيّر في وضع الجولان رسمياً. ومن الطبيعي الا يتمكن السوريون من القيام برد فعل نظراً الى المأزق الذي يتواجدون فيه حالياً، ويبدو انهم سلموا امرهم بشكل تام للقرار الروسي وبالتنسيق مع ايران وتحت غطاء اميركي.
هذا الامر ان دل على شيء، فعلى ان الامور ستبقى على ما هي عليه بالنسبة الى وضع الجولان، فلا اسرائيل قادرة على ضمه رسمياً، ولا سوريا قادرة على تحريره، ولا التفاهم الروسي –الاميركي راغب في اضافة مشكلة جديدة الى المشاكل الكثيرة التي تشهدها المنطقة، والثابت ان جبهة الجولان لن تشتعل ولن تشهد خطرا ًعلى اسرائيل التي ستعمل في المقابل على ضبطها لناحية عدم تسلل المسلحين منها الى سوريا، وهو مطلب روسي-غربي مشترك لن يكون صعباً على اسرائيل تحقيقه. وبالفعل، يمكن الاستنتاج انه منذ فترة غير طويلة، هدأ الكلام عن دعم اسرائيلي للمسلحين على الجبهة السورية، وهو امر لم يأت من فراغ او من رغبة اسرائيلية في ​مكافحة الارهاب​، بل من حرص على اظهار مدى خطورة الجولان اذا لم يتم ضبطه.
لا تملك اسرائيل بعد القدرة على الدخول في اللعبة الاقليمية كلاعب وتحقيق مكاسب جغرافية على غرار اللاعبين الاقليميين والدوليين، ولكنها رأت فرصة في عدم افلات قبضتها على الجولان، وها هي تستغلها بشكل مباشر وقد ضمنت حتى الساعة ابقاء الامور على حالها، ما يعني سيطرتها عملياً على هذه الهضبة، وهي مرتاحة في المقابل لوضعها مع الفلسطينيين.
وفق المعطيات الحالية، تبدو معركة السوريين في الجولان خاسرة، والاعتماد على الامم المتحدة هو كمن يعتمد على الحظ، لان القبول الدولي دون خطوات عملية كدخان دون نار، والقرارات الدولية تصلح فقط كذريعة يتم استخدامها عند اللزوم لتأمين مصالح بعض الدول.