قبل نحو شهرين اجرت الكتائب «نفضة» في البيت المركزي لقاعة اجتماعات المكتب السياسي ، ومن حينها يحاول النائب سامي الجميل ان يواكب ذلك التجديد الذي حصل في الديكور والـ«نيو لوك» الذي حصل في الصيفي بجديد في مواقفه وتمايز عن الآخرين عله يحدث خرقاً او اختراقاً في الركود السياسي الحاصل بحسب مصادر مقربة من الكتائب، وخصوصاً ان زوبعة الانتخابات البلدية اصبحت من الماضي وبالتالي ثمة ملفات اكثر اهمية وحساسية تشغل الرأي العام ويمكن ان تحقق فيها الكتائب نقاطاً ايجابية وربما في احراج وحشر الآخرين خصوصاً ان الكتائب باتت خارج البازار الرئاسي والخلافات التي تدور بين الرابية وبنشعي حيال موضوع الرئاسة.

وقد كان لافتاً موقف الكتائب الاعتراضي الذي حصل في مجلس الوزراء وتوزع على محورين اعتراضيين ضد المناقصات التي لا تتسم بالشفافية في موضوع المطامر وتجاهل الدراسات لانشاء المطامر، والاعتراضات في شأن المناقصات واستمرار العمل في سد جنة وعدم مراعاة التأثيرات البيئية. وفيما لم يكتف الوزيران الكتائبيان بالاعتراضين كان لافتاً ايضاً دخول رئيس حزب الكتائب على خط الاعتراضات في مجلس الوزراء مصوباً سهامه وشظاياه باتجاه الجميع رافضاً وضع الكتائب في موضع شهود الزور وتمرير الصفقات على حساب اللبنانيين في المطامر وفي سد جنة وخصوصاً ان الجميل غمز من قناة صفقة بين تمرير النفايات واستمرار العمل في السد.

الاعتراض الكتائبي في مجلس الوزراء وفق مصادر كتائبية ليس مسيساً ذلك ان الامور تخطت المعقول والكتائب ترفض السمسرات والصفقات التي بدأت تظهر خصوصاً ان الشركة البرازيلية موضوع التلزيم مشكوك في امرها وحوكمت امام القضاء، فيما يرى الآخرون ان الكتائب تبحث عن دور وهي تتماهى مع ما يريده تيار المستقبل في هذا الموضوع. بدون شك فان التفسيرات الكتائبية قد تكون ربما في موقعها الصحيح لكن الموقف الكتائبي يبدو متمايزاً عن الجميع ، وهو يشبه مواقف اخرى لرئيس الحزب، سبق لسامي الجميل ان اطلق رصاصة كتائبية على ترشيح فرنجية وعون عندما رشح قبل فترة أسماء من خارج بورصة الاقطاب الاربعة لاعطائهم الدور المناسب والفرصة التي لا يبدو انها تسير اليوم لمصلحة كل من عون وفرنجية.

فالواضح ان سامي الجميل في الموضوع الرئاسي اختار ان يكون متمايزاً وان يطلق المواقف التي تدغدغ الشعور المسيحي كما تقول اوساط سياسية مسيحية، فحزب الكتائب الذي يرغب كما يريد سليمان وفرنجية وميشال عون بكرسي الرئاسة يدرك ان حظوظ رئيسه السابق هي شبه معدومة اذا كانت حظوظ عون وفرنجية معقدة، وكان لا بد من سلة أسماء من «الأوادم» كما سماهم لموقع الرئاسة من شخصيات حيوية ونظيفة تبدأ بزياد بارود وتصل «حتى» الى شامل روكز. ولعل رئيس الكتائب كما تقول الاوساط تقصد ان يظهر بأن الآخرين يسيرون عكس التيار في موضوع التلزيمات والنفايات وسد جنة، وايضاً في الموضوع الرئاسي فهم يعرقلون الرئاسة اذا لم تؤول اليهم، فيما هو يريدها ان تحصل بأي ثمن خوفاً على الحالة المسيحية حتى ولو ذهبت الرئاسة للعميد المتقاعد شامل روكز.

وتعتبر المصادر المقربة من الكتائب ان سامي الجميل يدوزن كلامه ويصوبه باتجاهات محددة، فالجميل يطالب برئيس يجلس في قصر بعبدا بدون فضائح فساد ثم لا يلبث ان يصوب بندقيته على الجميع، على سعد الحريري كما سمير جعجع اللذين يهاجمان سياسة حزب الله ويتهمانه بتعطيل الانتخابات الرئاسية ثم يدعمان مرشحين حليفين للحزب اي بالجمع بين الشيء ونقيضه، والغرض من ذلك حجز موقع على الخارطة المسيحية باظهار الدور الكتائبي المتحمس لانهاء الشغور القاتل للرئاسة وللمسيحيين والنزول الى ساحة النجمة على غرار ما فعل بيار الجميل الجد عندما استقل ملالة عسكرية ليشارك في جلسة انتخاب الياس سركيس.

بدون شك فان الكتائب تبدو في الاستحقاق الرئاسي بغير ما هي عليه حال المرشحين الرئاسيين في معراب وبنشعي، ولعل الجميل يلعب على وتر هذه التناقضات تضيف المصادر، ففرنجية وعون مصران على حقهما في الرئاسة وليس في نية احدهما التراجع خطوة للوراء من اجل تسيير الموضوع الرئاسي ، في حين ان الكتائب تتطلع الى انهاء الفراغ بأي ثمن ولو بمرشحين من خارج اصطافاف الاقطاب الاربعة. الواضح ايضاً ان الكتائب تبدو بإفضل احوالها، فعلاقتها بتيار المستقبل استتبت فيما ساءت علاقة الآخرين، فان ما قام به الحريري على مسرح «البيال» من خطوات أعقبت انفصاله عن القوات تجاه الجميل الأب والابن وما ابداه تجاههما من عاطفة غير مسبوقة وخصوصاً تجاه سامي الجميل الذي خصه الحريري باهتمام وحفاوة لا تشبه اياً من الحاضرين للشيخ الشاب لم تجد لها تفسيراً سوى ان الحريري اراد ان يزعج فريقاً آخر وان يعلن امام جمهور 14 آذار بعدما توسط الجميلين الاب والابن أن هؤلاء حلفاؤه الجدد على الساحة المسيحية بعدما أدار ظهره في الصورة التذكارية الى حد ما للحليف في معراب.

رئيس حزب الكتائب يدرك مكانته اليوم عند الشيخ سعد، تؤكد المصادر المقربة من الكتائب، فهو يصول ويجول ويحاول ان يكسب ويقوي مناعته المسيحية فيطمئن المسيحيين وان مجلس النواب لن يشرع بغياب المكونات المسيحية للكتائب والتيار الوطني الحر والقوات، ويحاول ان يقول للرأي العام المسيحي «الكتائب تريد الرئاسة لأي شخصية مسيحية متوازنة وحيوية» من خارج نادي الأقوياء، بدون شك فإن هذه المعادلة تطيح ترشيح فرنجية وعون مثلما عمل زعيما معراب وبنشعي على قطع الطريق على الرئيس أمين الجميل الى القصر.

يبقى السؤال الاساسي في ظل السقوط الكبير للحريري في الانتخابات البلدية وما يواجهه تيار المستقبل اليوم على الساحة السنية وفق الاحصاءات التي ترجح تراجع شعبيته مقابل ظهور زعامات وأقوياء وبدائل وفي ظل المشاكل المالية للمستقبل و«غيمة الصيف» في العلاقة مع السعودية : اين مصلحة الكتائب في الارتماء في احضان المستقبل على هذا النحو، وهل يمكن ان تكسب مشاكسة الجميل مردوداً على الساحة المسيحية، ولماذا تستمر الحرب على الرابية ومعراب فلا تنصهر الكتائب في التفاهم المسيحي الذي حصل وخصوصاً ان الترجيحات ان الموضوع الرئاسي يتجه الى حلحلة ربما وان طريق القصر لم تعد شائكة امام الجنرال؟