نعيم عباس، جمال دفتردار، خالد حبلص، متهمون ثلاثة تركوا ابلغ الأثر من خلال جلسات محاكماتهم في المحكمة العسكرية الدائمة، وحده نعيم اسماعيل محمود الملقب بنعيم عباس الخبير في التفخيخ والتلميذ الذي تفوق على استاذه توفيق طه والذي وزع «انتاجه الارهابي» في اكثر من مكان كانت له اكثر من موقعة داخل العسكرية وكانت له جولات من الكر والفر مع رئىس المحكمة العميد خليل ابراهيم الذي بقي متأهباً له وبالمرصاد.

فعباس اعتقد انه سيستمر في هواية «التفخيخ القضائي» تارة بتغييب محاميه طارق شندب وطوراً بطلب المستحيل من محاميته فاديا شديد التي كلفتها المحكمة العسكرية ونالت الاذن من نقابة المحامين للدفاع عنه ومن ثم اختارها عباس وكيلة اصيلة في جميع ملفاته ولكنها نالت حصتها من التشهير بوصفها محامية الارهابيين.

عباس الخارق الذكاء يبدو للمراقبين والمتابعين في العسكرية انه ينتظر بفارغ الصبر شيئاً ما.

بعضهم يؤكد ان «جماعته» في الخارج تنتظر اللحظة المناسبة لتبادل متوقع يخرج من خلالها اشهر المفخخين في تاريخ لبنان، والبعض الآخر يعتبر ان عباس ينتظر بأحر من الجمر تغييراً ما على الاراضي السورية ليخرج من السجن على الاكتاف، لكن الجميع يعلمون علم اليقين ان الرجل لم يفرغ عن كل الاسرار الموضوعة في جعبته، لانها الوحيدة التي ستنجده في اي تطور سيحصل في قضيته خصوصاً انه بدا وكأنه «فاتح على حسابه» وبأن علاقته مع الاسلاميين سطحية ومع القوى الفلسطينية غير واضحة لا بل مقطوعة فهي اهتزت منذ نعومة اظافره في العمل المقاوم ضد العدو الاسرائيلي حيث اكتشف وفق ما قال في احدى جلسات استجوابه زيف شعارات «حركة فتح» وغيرها من الفصائل الى ان وصل الى عالم التفخيخ حين تدرب على يد طه ولكنه عاد لينفصل عنه، لكن فلسطين لم تغب عن ادبياته داخل المحكمة العسكرية باستثناء المرة الوحيدة التي اكد فيها انه بدأ بتفخيخ السيارات لارسالها الى اماكن تواجد «حزب الله» بعد سقوط القصير وتوزيع الحلوى في الضاحية.

البارحة صعق الجميع بما قاله عباس الذي ادخل الى قاعة المحكمة «بزي الريحانية» لكن الامتعاض من هذا الزي لم يظهره في كلامه انما في طريقة ارتدائه له الامر الذي دفع بالنائب العام المفوض لدى المحكمة القاضي فادي عقيقي الى تأنيبه على مظهره غير اللائق امام هيئة المحكمة.

نعيم عباس كان على موعد مع 3 جلسات واحدة يشاركه فيها الموقوف بلال سميح ميالي وكيلته المحامية هلا حمزة بتهمة وضع واقتناء مواد متفجرة، نقل ذخائر واسلحة حربية اما الجلستان الباقيتان فهو يحاكم منفرداً واحدة بتهمة اقتناء وصنع المتفجرات لاستهداف «اليونيفيل والتجمعات الشيعية» واخرى تتعلق بصنع المتفجرات واقتنائها وحيازتها والتدرب على السلاح.

ليست المرة الاولى التي يفجر فيها قنابله وصواعقه الكلامية، ففي احدى الجلسات اكد ان السوريين طلبوا من استاذه في التفجير توفيق طه اغتيال النائب وليد جنبلاط والوزير السابق وئام وهاب كما تحدث عن معطيات حول استشهاد اللواء فرنسوا الحاج.

جلسة 13/6/2016 ومع بداية تلاوة التهم المسندة الى عباس قاطع القاضي حسن شحرور متوجهاً اليه بالقول «عمهلك» واستتبعها بكلمة «بعزلها» هذا الامر اثار الاستغراب لدى وكيلته المحامية فاديا شديد التي كانت قد التقته يوم الجمعة الفائت ولم يبلغها بالامر وهذا الامر ان دل على شيء فعلى ان عباس لديه استراتيجية معينة يريد فرضها على الجميع، وقد رد على وكيلته «لقد بلغت شقيقي بأن يقوم باجراءات عزل وكيلته» وهنا سأله العميد هذا يعني انك لا تريد ان نستكمل استجوابك في هذا الملف؟

اجاب عباس: «مش مستعجل» لدي موضوع يتعلق بالمصلحة العامة.

فسأله القاضي عقيقي: يتعلق بالدعوى.

اجاب عباس: بدي تحقق معي لجنة المحكمة الدولية لأن معي ملف امني بامتياز.

عندها توجه اليه العميد قائلاً هذا الموضوع تناقشه مع وكيلك وقد ارجئت الجلسات الثلاث الى 7/12/2016 وهنا يطرح السؤال هل لدى «العقل المفخخ» ملفات ثمينة تتعلق بالاغتيالات التي حصلت على الاراضي اللبنانية ام انها مجرد «فقاعات صابون» يريد عباس منها توجيه رسائل باتجاهات متعددة لا سيما وانه اكد في احدى الجلسات انه لن يسير في جلسات الاستجواب ما لم يتم نقله من الريحانية، اضافة الى ان صفقة التبادل التي تمت مؤخراً لم تشمله ولم يرد اسمه على لائحة الاسماء التي تم التفاوض عليها وربما لن يحصل ولو انه نال البراءة في ملف «احداث عبرا» الذي تأكد عدم وجوده في المنطقة اثناء حدوثها بل عاد الى المخيم من سوريا في 28/6/2013 ولفت اثناء استجوابه انه لو كان موجوداً آنذاك لما شارك لانها لم تكن لصالح الاسير الذي كان عليه ان يقوم فيها ويستمر عندما اشتبك مع سرايا المقاومة يوم الثلثاء.

عباس رغم كل الاشاعات حول تبرئته من ملف احداث عبرا والاهداف منها هي مجرد تكهنات لأن نعيم لم ينف تفخيخه للسيارات ونقل الانتحاريين. اشارة الى انه وفق ما تداوله مع وكيلته ان لديه وثائق ومستندات حول اغتيال الحريري فهل صحيح ان لديه هذه المعطيات ام انها مجرد ورقة ضغط للخروج من صومعته في الريحانية الى سجن رومية لايقاظ اترابه في الداخل والخارج على صفقة اخرى يرد اسمه فيها.

اسماعيل الذي التقى وكيلته شديد رفض طلبها السير في الجلسات، اقنعته بالمحاولة لاستجواب آخرين في الملف ولكن عباس فجّر قنبلة في وجه محاميته باعلانه على الملأ عزلها وهي من الامور التي قلما تحصل امام العسكرية وامام القضاء حيث يقوم موكل بعزل محاميه مباشرة وبحضوره بهذه الطريقة، فهو لديه مخططاته واستراتيجيته واسراره التي لا تستطيع مجاراته بها وهذا ما حصل مع وكيله السابق المحامي طارق شندب .