على وقع الأزمات التي تمر بها ​السلطة الجديدة​ في سوريا، برزت ​السعودية​ كلاعب داعم لها في أكثر من مناسبة، حيث من الممكن الإشارة إلى دورها في تأمين اللقاء بين رئيسها الموقت أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالإضافة إلى مسارعتها لإرسال وفد إستثماري إلى دمشق، مباشرة بعد الإشتباكات التي وقعت في السويداء، التي فتحت الباب أمام التدخل العسكري الإسرائيلي بشكل أكبر.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن التشديد على أن الرياض لا تزال تراهن على هذه السلطة، خصوصاً أنها تعتبرها جزءاً من الإستراتيجية التي تقود إلى تقويض ​النفوذ الإيراني​ في المنطقة، بعد التحولات التي كانت قد شهدتها منذ السابع من تشرين الأول من العام 2023، لكن لا يبدو أن التحرك السعودي، حتى الآن، كافياً، خصوصاً أن تلك السلطة لم تنجح في معالجة مشاكلها على المستوى الداخلي.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن المملكة هي الأكثر قدرة على التأثير في المشهد السياسي السوري الداخلي، على إعتبار أن دمشق تدرك جيداً الحاجة إلى دعمها، في المرحلة الراهنة، خصوصاً أنها تستخدم ما تقدمه الرياض لها في ها الاطار، في سياق المواجهات التي تخوضها مع المكونات التي لا تزال ترفض التعاون معها، على قاعدة أنها تحظى بغطاء عربي ودولي.

من وجهة نظر هذه المصادر، المصلحة السعودية تكمن بالوصول إلى حالة من الإستقرار السوري، الأمر الذي يتطلب منها الذهاب إلى إستخدام نفوذها على السلطة الجديدة في سبيل تحقيق هذا الهدف، لا سيما أن بقاء الأوضاع على ما هي عليه، لن يقود إلى نجاح تلك السلطة في تثبيت دعائم حكمها، لا بل سيجعلها عرضة إلى المزيد من التوترات، التي ستقود إلى ارتفاع منسوب التدخلات الخارجية.

في هذا الإطار، تلفت المصادر نفسها إلى أن السلطة الجديدة لا تزال تتكل على معادلة غياب البديل، ما يدفع الجهات الخارجية الفاعلة إلى تفضيل العمل على معالجة الأخطاء التي ترتكبها بدل إسقاطها، خصوصاً أن هاجس الفوضى يبقى الحاكم الأول، لكنها تشدد على أن معالجة تلك الأخطاء لا يمكن أن يتم من دون إطلاق حوار داخلي، يأخذ بعين الإعتبار الهواجس التي لدى مختلف المكونات.

هنا، توضح المصادر المتابعة أن الأحداث التي شهدتها البلاد، منذ لحظة سقوط النظام السابق، عززت المخاوف التي لدى تلك المكونات، خصوصاً أن السلطة سعت إلى معالجتها عن طريق إستخدام القوة، ما ساهم في إبعادها أكثر عن دمشق، حيث وصلت إلى تفضيل أي خيار آخر على العيش في كنفها، بدليل ما حصل في الساحل أو في السويداء، وهو ما دفع "​قوات سوريا الديمقراطية​" إلى التمسك أكثر بالخيار اللامركزي.

بالنسبة إلى هذه المصادر، ما يمكن التوقف عنده، في هذا المجال، هو أن غالبية تلك المكونات كانت قد وجهت دعوات إلى السعودية من أجل التدخل، على قاعدة أنها تراهن على الدور الذي من الممكن أن تلعبه، نظراً إلى أن معظمها لا يثق بالجانب التركي، الذي لديه أيضاً القدرة على التأثير على السلطة الموجودة في دمشق، لكن هذا الأمر يتطلب أن تبادر الرياض، لا أن تكتفي بتقديم الدعم إلى تلك السلطة.

في المحصلة، تكشف المصادر نفسها عن بروز بعض معطيات تصب في إطار أن المملكة قد تكون في هذا الوارد قريباً، على قاعدة أن المصلحة تكمن في دفع السلطة المؤقتة إلى فتح حوار جدي مع باقي المكونات، نظراً إلى أن أي دعم خارجي، من الممكن أن تحصل عليه، لا يمكن أن يكون بديلاً عن الشرعية الداخلية التي لا تزال مفقودة، لا بل أن فقدان هذه الشرعية من الممكن، في المستقبل، أن يقلل أو يوقف ذلك الدعم الذي تستند إليه.