"​نهر الليطاني​ اللي منعرفو من زمان العوض بسلامتك منو"...

كلمات قليلة قالها النائب عن قضاء مرجعيون الدكتور ​علي فياض​ دقّت جرس الإنذار حول نهر الليطاني الذي وصلت نسبة التلوث فيه إلى ما يفوق الـ61 بالمئة، كلمات استندت إلى واقع لكنّها استفزّت المسؤولين ورؤساء البلديات التي يجري من تحتها النهر اعتبارا من يحمر الشقيف الى زوطر الغربية ومرورا بزوطر الشرقية وصولا الى قعقعية الجسر وامتدادا الى مصب النهر في البحر عند القاسمية، حيث تلاقوا على التحذير من قيام انتفاضة شعبية ضدّ أصحاب المرامل التي تغسل الرمول في الاعالي في العيشية وتمرا في منطقة مرجعيون ما يؤدي الى تلوث النهر.

من هؤلاء رئيس بلدية زوطر الغربية ​حسن عز الدين​ الذي قام بفحص عيّناتٍ من مياه النهر التي تجري قرب بلدته في مختبرات وزارة الصحة ما أكد تلوث مياه الليطاني بالمواد المسرطنة، الأمر الذي انعكس سلباً على المصطافين وزوار النهر ومنعهم من السباحة فيه نظرا للامراض التي قد تصيب الشباب والاطفال على حد سواء. وقد نبّه عز الدين من خطورة استمرار الوضع كما هو، وهذا ما دفعه لإعلام محافظ النبطية القاضي ​محمود المولى​ وسرية درك النبطية بأمرة العقيد توفيق نصرالله والبلديات المحيطة بالنهر، ما جعل التحرك يتصاعد، بحيث ترأس المولى اجتماعا امنيا لاتخاذ التدابير الرادعة والاتصال بالمدعي العام البيئي لكي تكون الاجراءات القانونية صارمة.

وأوضح المحافظ المولى، في حديث لـ"النشرة"، أنّ نهر الليطاني هو الشريان الحيوي الذي يمتدّ من البقاع إلى الجنوب، وهو ملاذ راحة واستجمام للجميع، ولكنّه تحدّث عن بعض الأمور المتفلتة والخارجة عن إطار القانون تحيط به، ولفت إلى أنّه لا يعطي تراخيص نهائياً لا لإقامة مقاهٍ ولا منتجعات سياحية ولا غيرها على مجرى نهر الليطاني، "ونحن نحاول قدر المستطاع حصر الموضوع بيد وزارة الطاقة لانها المعنية الاساس بموضوع مجرى نهر الليطاني". وإذ أكّد أنّه يقوم بقمع المخالفات بشدّة، لفت إلى أنّ الذي يجري من مرامل وغسل رمول حالة مستجدة في الجنوب لم تكن موجودة من قبل، مشدّداً على أنّ المسؤولية مشتركة وتقع على عاتق الجميع ولا يستطيع احد التنصل منها.

وفي سياقٍ متصل، أكد مصدر أمني مطّلع لـ"النشرة" أنّ الإجراءات الرادعة لوقف غسل الرمول فوق مجرى الليطاني بدأت، كاشفاً أنّه سيتمّ قمع كلّ المخالفات سواء بغسل الرمول او بالبلديات التي تحول المجاري الصحية الى مجرى الليطاني ، من دون أن يستبعد إمكان استصدار مذكرات توقيف بهذا الخصوص.

رئيس بلدية زوطر الغربية حسن عز الدين أوضح من جهته لـ"النشرة" أنّ ظاهرة تلوث نهر الليطاني بدأت منذ سنتين، لافتاً إلى أنّ تحرّكاتٍ سُجّلت في هذا الصدد السنة الماضية، "ولكن هذه السنة بعدما تكرر الأمر ذاته لن نسكت، فصحّة أولادنا ليست لعبة لا بيد صاحب مرملة ولا بيد بلدية من هنا أو هناك ترمي مجاريرها في النهر". وأشار إلى أنّ البلدية أقامت منذ خمس سنوات مشروع حديقة عامة بالقرب من النهر وقد كلّها مئات الألوف، وهو لكلّ الناس وليس لأهالي زوطر الغربية فقط، ولكنّ هذه الحديقة أصبحت الآن قرب وحول ومياه مسرطنة وملوثة، متمنياً على الأجهزة الأمنية والقضاء التحرك بأقصى سرعة، كاشفاً انّ لديه فيديوهات لمرامل ترمي وحلها في النهر، وأخرى عبثت فيه، "وهناك بلدات ترمي مجاريرها في النهر كديرميماس، بلاط، سحمر، يحمر البقاع وغيرها". وناشد رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التدخل لحماية الليطاني ومعاقبة من تسبب بهذا التلوث.

وأيّد رئيس بلدية زبدين ​محمد قبيسي​ "النشرة" التحرك الذي يقوم به زميله عز الدين، معلناً ان مجموعة من رؤساء البلديات تعد العدة لتقديم عرائض الى المسؤولين تشتكي فيها حال الليطاني، ملوّحاً باعتصامات وتظاهرات لمعاقبة المعتدين، مشدّداً على أنّ ما يجري "غريب عن أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا ويجب وضع حدٍ له ومحاسبة المرامل واصحابها والبلديات التي ترمي مجاريرها في النهر".

أما رئيس بلدية يحمر السابق ​قاسم عليق​ فأوضح لـ"النشرة" أنّ المشكلة تبدأ من أيار من كلّ عام ومنذ سنتين، وقال: "منذ سنتين ونحن نرى تلوث مياه الليطاني نتيجة لغسل الرمول التي تؤدي الى توقف محطات ضخ المياه من النهر الى بلدة يجمر والى الطيبة، الامر الذي يستلزم تنظيف المحطة وصيانتها، فضلا عن تنظيف جورة سحب المياه"، ولمّح إلى أنّ المرامل على ما يبدو مغطاة سياسياً بدليل أنّ أصحابها لم يرتدعوا رغم تحرّك النائب علي فياض وبلديات جنوب الليطاني ضدّها.

وطالب رئيس بلدية يحمر الحالي ​أحمد نايف ناصر​ بدوره بالتحرّك لمواجهة هذا الواقع، مؤكداً استعداده ليكون في عداد المتحركين دفاعا عن الليطاني الذي عجزت اسرائيل عن سرقته رغم انها اطلقت على عملية احتلالها الاولى للجنوب عملية الليطاني لان مياهه كانت وما تزال محط اطماعها، منبهاً إلى أنّ اي تلويث لهذه المياه هو بمثابة احتلال جديد ومخفي لها، كما دعا وزارة البيئة والجمعيات البيئية والقوى الامنية للتحرك العاجل والفاعل لحماية مياه الليطاني من هذه المجزرة التي تفوق او تساوي طمع العدو الاسرائيلي بها.

ولفت نائب رئيس بلدية زوطر الشرقية المهندس ​شوقي حرب​ بدوره إلى أنّ المرامل على الخردلي والجور الصحية من دير ميماس والقليعة هي التي ادت لتلوث مياه الليطاني بهذه النسبة، محذراً من أنّ السباحة في هذه المياه تؤدي الى امراض جلدية وجرثومية، مؤكدا ان هذا التلوث ادى الى يباس في البساتين المحاذية للنهر حيث باتت الحياة معدومة وغير صحية وسليمة. واعتبر في حديث لـ"النشرة" أنّ ما يجري ضرب للسياحة والصحة والسلامة العامة وللاستراحات والمطاعم والمنتزهات لان ما نراه شيء مرعب، مطالباً بوقف اعطاء التراخيص للمرامل واجبارها على اعادة تنظيف المياه على حسابها وحساب البلديات التي القت مجاريها الصحية بالنهر، "وهذا رد رادع لكل من تسول له نفسه العبث بالثروة المائية".

البلديات قرّرت إذاً رفع الصوت لوقف المجزرة التي تُرتكَب بحق نهر الليطاني، ولكن هل من يلقى صوتها الصدى المطلوب؟ وهل من يرتدع أصلاً؟