«أريد لتلك العبوة ذات الزنة الخفيفة التي لا تشبه بشيء التفجيرات السابقة ان تفعل الكثير وان تقلب الامور على عقب وان كانت تستهدف فقط حزب الله ولم تسقط ضحايا وقتلى، لكن بيكار شظاياها اراده المنفذون ان يكون اوسع من مسرح الجريمة او التفجير ليطال حزب الله وجمهوره وعلاقته بالقطاع المصرفي، لكن النتائج خالفت التوقعات ولم يحقق تفجير فردان غايته او ما رسمه المخططون. خلاصة هذا التحليل يمكن الركون اليها من مواقف وردود الفعل التي تلت التفجير، وقد يكون ابرزها واكثرها دلالة ما ساقه النائب وليد جنبلاط الذي تقصد ان تكون اطلالاته كثيرة عبر الشاشات هذه المرة في اعقاب التفجير ليوضح ويحذر ويدق ناقوس الخطر «اياكم والفتنة» وليصوب البوصلة قبل ان تندلع حمى المواقف او تتوه عن الحقيقة موجهاً اصابع الاتهام الى المتضررين من القطاع المصرفي ونجاحه في لبنان وتحديداً وبالفم الملآن الى اسرئيل التي يزعجها الاستقرار المالي في لبنان بعدما امعنت فيه ضرباً واحتلالاً ومصادرة مياه وهي التي عينها على المصارف. فالنائب وليد جنبلاط أحسن هذه المرة كما تقول اوساط سياسية ووضع الاصبع على الجرح كما لم يفعل في السياسة في عدد من المحطات السابقة، وعموماً ظهر ان رسالة التفجير اخطأت العنوان وعاكست توقعات منفذيها وعطلت مفاعيل التفجير. فاذا بالمواقف وردود الفعل تتسم بالموضوعية والوعي بخلاف التفجيرات الاخرى التي كان لها وقع الزلازل وكانت مفاعيلها اقوى على غرار مسجدي التقوى والاسلام التي كادت تتسبب بانفلات الشارع واندلاع الفتنة المذهبية.

الواضح ان حزب الله بدا قادراً كما في كل مرة على ضبط انفعالاته وردود الفعل الغاضبة من جماهيره والرأي العام الداعم له بعد تسريبات من جهات معينة طالته، وكذلك اتسمت ردود فعل من لا يتفقون مع حزب الله وهم في المقلب الآخر بالموضوعية والواقعية بان التفجير يستهدف كل لبنان وخصوصاً قطاعه المصرفي الذي يشكل شبكة الامان، ولعل التواصل وحصر ردود الفعل والتوضيحات كان كافياً بان احداً لا يريد ان ينجر الى المواجهة والخلاف الداخلي مع القطاع المصرفي والمسؤولية وان يفسح في المجال لطابور ما بتوتير الوضع وخلق اشكاليات لضرب النظام المالي. فالعبوة دفعت كل من حزب الله وحاكمية مصرف لبنان الى فتح الاوراق والتعاون لدراسة موضوعية وشفافة لواقع العقوبات الاميركية وجوانب مخفية من الموضوع وهي بدون شك قراءة مغايرة للوضع السابق. والخلاصة ان العبوة التي اتت اضرارها مادية افشلت مخطط توريط حزب الله وخلخلة علاقته بالقطاع المصرفي، وقد ظهر ان لدى كل من حزب الله والقيمين على القطاع المصرفي قراراً واضحاً وهواجس مشتركة من محاولات زعزعة القطاع المصرفي، كما ظهر ان التفجير وان كان يختلف بالرسالة التي حملها عن التفجيرات الماضية الا انه في السياق العام لعودة التفجيرات وما كانت تحذر منه جهات امنية وسياسية من مخاوف من تفجير الوضع اللبناني وان كانت بصمات تنظيم داعش بعيدة عن التفجير الاخير كون التنظيم الاخير لا يهتم الا بالتسبب بالدمار الشامل وحصد الارواح فيما التفجير في فردان حاول نزع الصفة الارهابية لداعش الذي يستهدف بصورة اساسية المدنيين، وهذه التفجيرات الامنية متوقعة من جهة ثانية بعد الخسارة القاسية للارهابيين في الرقة السورية، وفي ضوء ما تسرب من نيات داعشية لتوتير الوضع اللبناني في شهر رمضان الكريم، وفي اعقاب تهاوي السبكات الداعشية وتوقيف عدد من الرؤوس الكبيرة في عكار ومناطق لبنانية مختلفة. فالتفجير في فردان كان المقصود منه الباس حزب الله التهمة الجاهزة وهو الذي توترت علاقته مع المصرف الذي استهدفه التفجير على خلفية العلاقة الملتبسة معه منذ فترة وخصوصاً ان عناصر الاتهام جميعها كانت جاهزة.