"سنأكل من لحمنا ونستمر". هكذا أعلنها ناشر صحيفة "السفير" ​طلال سلمان​ "معركة بقاء" للصحافة الورقية، إذ أكد حينما تراجع عن قرار اغلاقه الصحيفة أنه سيعتمد على الاشخاص لمتابعة مسيرة "السفير" لا على الفئات ولا على الأحزاب.

بعد ما يقارب الثلاثة أشهر على الأزمة الكبيرة التي عاشتها ​الصحافة الورقية​ والتي هدّدت الجزء الأكبر منها، ظهر أن الأشخاص الذين ستعتمد عليهم الصحافة الورقية للبقاء، واللحم الذي سيتم أكله للاستمرار، هو لحم المواطن.

عدد من الاجتماعات بين أصحاب وناشري الصحف الورقية من جهة، ونقيب المحررين ​الياس عون​ ووزير الاعلام ​رمزي جريج​ من جهة ثانية، أوصلت إلى اقتراحين تم رفعهما إلى الحكومة.

الاقتراح الأول المقدّم من النقابة، مؤلف من سبعة بنود تهدف إلى تقليل تكاليف انتاج المطبوعة. إلا أن أول بندين من هذه السبعة بنود تقترح فرض ضرائب على المواطن اللبناني، الواقع أساساً في أزمة ضرائب، لكي تتمكن الصحافة الورقية من الاستمرار. فاقترحت النقابة فرض رسم 200 ليرة على كل صفيحة بنزين ومازوت وتحويلها إلى المؤسسات الصحافيّة، وفرض سنت واحد على كل دقيقة تخابر على الهاتف الخليوي لتغذية موارد الصندوق الخاص بالصحف.

أما الاقتراح الثاني المقدم من وزير الاعلام رمزي جريج فينصّ على دعم مادي مباشر من الدولة للصحافة الورقية عبر مساهمة قيمتها 500 ليرة على مبيع كل عدد من الصحف التي تصدر حاليا في لبنان.

لكن، هل يحق للدولة فرض ضرائب على المواطنين لإنعاش قطاع محدد واضافة الأعباء على اللبنانيين؟

في هذا السياق، يوضح نقيب المحررين الصحافيين في لبنان الياس عون، في حديث لـ"النشرة"، أن "هذه الاقتراحات قد تم التوصل اليها بعد عدد من الاجتماعات"، لافتاً إلى "اننا بانتظار الموافقة عليها لإقرارها".

ويرى عون أن "الأوضاع المعيشية الحالية للصحف الورقية صعبة جداً"، مرحباً بأي اقتراح يؤدي إلى استمرارها في السوق.

من جهته، يعتبر العميد السابق لكلية الإعلام الدكتور ​جورج كلاس​ أن "اقتراح النقابة غير عملي وغير شعبي رغم أنه يهدف لدعم الصحافة الورقية"، مشيراً إلى أن "أي خطوة في هذا السياق يجب أن تصدر عن الدولة وليس عن النقابة"، ومؤكداً أن "الصحافة الورقية حاجة وطنية لكن لا يجب أن يدفع المواطن ثمنها".

ويتساءل كلاس "هل هذه الضريبة هي لدعم القارئ أم لدعم الصحافي الذي يعمل أم لدعم مالك الصحيفة؟!" مؤكداً ان "هذه الضريبة هي لدعم مالك الصحيفة والمنفعة الأساسية تعود للرأسمالي المالك".

وإذ يرى أن "اقتراح وزير الاعلام هو أفضل الاقتراحات"، يلفت كلاّس إلى أنه "في جميع الدول تقوم الدولة بدعم الصحف الورقيّة دون تحميل المواطن أي عبء".

في المحصّلة، وبانتظار الموافقة أو الرفض للاقتراحات المقدّمة، يبقى المواطن اللبناني هدفاً لكل القطاعات "المحتاجة"، وتبقى لقمة عيشه مهددة لتستمر مؤسسات لم تعرف الاّ مدّ اليد طيلة عقود. فهل انعدمت كل الاقتراحات الممكنة كي يصل المسؤولون لرهن كل المشاكل بإضافة الضرائب على اللبنانيين؟