طال امد الفراغ في قصر بعبدا دون جدوى او بارقة امل تلوح حول حلول بل ان التعقيدات بدل ان تزول تتضاعف، فالملف الرئاسي ترنح كثيراً ولا يزال وخضع لتجاذبات 8 و14 آذار ولتمسك كل فريق بحساباته ومصالحه ومراهاناته على الوضع الاقليمي وانتظار ما ستؤول اليه الاستحقاقات في المنطقة لبلورة انعكاسها داخلياً، حاول سعد الحريري في آذار الماضي ان يقلب الاوراق الرئاسية فحضر الى لبنان محاولاً تعويم طرحه بترشيح فرنجية من فريق 8 آذار ولكن دون جدوى. فترشيح فرنجية اصطدم بممانعة عون وبالتزام حزب الله معه، وطيلة هذه المرحلة لم يترك كل من فرنجية او عون وسيلة الا استخدماها في المعركة الرئاسية، فزعيم المردة «أعدم» علاقته التاريخية بعون بعد ان لاحت في الأفق ملامح التسوية والقبول السعودي به وكل ما يهيء له الطريق لولوج قصر بعبدا، فلم يعد هناك من جسر للتواصل بين بنشعي والرابية ولجأ كل من الحليفين اللدودين الى اعدام الآخر في السباق الى بعبدا.

بالنسبة الى فرنجية ومن وجهة نظره فان انتخابه رئيساً كان وشيكاً عندما تبنى الحريري ترشيحه وهو كان صاحب حظوظ رئاسية لو ان الجنرال قبل بالتنحي لوصول مرشح من 8 آذار، فيما اعتبر ميشال عون ان رئيس المستقبل استغل فرنجية لضربه وقطع الطريق عليه الى قصر بعبدا، وان زعيم المردة سار في المخطط الذي رسمه الحريري وجنبلاط وبري بغطاء سعودي و«فيتو» على ترشيحه. وبعد ان وصلت مساعي الحريري الى ما يشبه الحائط المسدود في شأن ترشيح فرنجية بسبب التزام حزب الله مع ميشال عون حتى النهاية وبسبب تعنت عون واصراره على اكمال الرئاسة، فان استدارة الحريري اليوم نحو خيارات اخرى باتت حتمية، خصوصاً ان الحريري بدأ يتحرك داخلياً وبعد خسارة المعركة البلدية وفق اولويات وحسابات مختلفة وبتموضع مختلف عن السابق. فالواضح ان سعد الحريري وبحسب مصادر مقربة من المستقبل يحاول ترميم الجسور في الداخل واحداث اختراق لم يتمكن من فعله في الاستحقاق البلدي، وربما يعمل على تحقيق اختراق في الملف الرئاسي بعدما اصطدمت مساعيه لتسويق فرنجية باعتراضات الرابية وبعدما صار واضحاً استحالة وصول عون وفرنجية ربطاً بتعقيدات الملف الرئاسي بعدما احرق كل من عون وفرنجية مراكبهما الرئاسية. وبالتالي فان الحريري كما تقول المصادر يعمل على تحقيق اختراق ما في الموضوع الرئاسي عبر خيار عدم الممانعة على المرشح البديل او مرشح التسوية ، واذا كان اختيار مرشح محسوب على فريق 14 آذار لا يزال غير ممكن نظراً لارتباط الاستحقاق بالمعادلات الداخلية والخارجية فان الحريري يحاول تغيير الاستراتيجية الرئاسية بعد ان فشل في تسويق مرشح من 8 آذار داخل فريقه. وعليه تقول المصادر فان الحريري لا يمانع بوصول شخصية عسكرية سابقة او حالية، بمعنى اوضح فان الحريري لا يمانع بوصول قائد الجيش، وفي هذا الاطار اتت زيارته قبل فترة الى اليرزة وان كان غلب عليها طابع الالتزام بالجيش خصوصاً ان قائد الجيش وقف على مسافة واحدة من الجميع وان الدول الاقليمية كلها تدعم معركة الجيش ضد الارهاب وهذه الدول عبرت اكثر عن ارتياحها لقيادة المؤسسة العسكرية وادائها في مواجهة الارهاب. كما ان الحريري كما تقول المصادر لا يضع «فيتو» على وصول الجنرال شامل روكز والذي بات اسمه يطرح كبديل عن ميشال عون كونه ينتمي الى الفريق نفسه ويحظى بقبول من 8 و14 آذار.

وتؤكد اوساط متابعة ان الجميع متفق على انهاء الاستحقاق داخلياً وخارجياً فالمخاوف واسعة من الاحداث الامنية، والجميع يستعجل انجاز الاستحقاق وانهاء الفراغ والتعطيل في مؤسسات الدولة حتى ان الدول المعنية بالاستحقاق لم تعد وفق اوساط كثيرة تتوقف عند هذا المرشح او ذاك او عند مواصفات محددة بقدر ما يهمها انجاز الاستحقاق وملء الفراغ في قصر بعبدا، وحيث يسود الاعتقاد ان هذه الدول بدأت تملي نصائح بضرورة معالجة الوضع اللبناني مهما كان اسم الرئيس العتيد.

واذا كان الافق الرئاسي بات مسدوداً بعدم استعداد اي طرف في الرابية او بنشعي للانسحاب وتجيير الظروف الرئاسية لصالح الآخر دون نفسه، فان ما ينقل عن بعض زوار دول القرار بان ثمة رغبة دولية بالتوصل الى حل رئاسي قريب، والبحث عن مخرج للأزمة وثمة استعداد دولي للقبول بمرشح تسوية يشكل حلاً عملياً لإشكالية فرنجية وعون، وهنا يتحدث المتابعون عن طرح مجموعة اسماء طرحت في السوق الرئاسية مؤخراً خصوصاً ان «الفيتو» السعودي على ما يبدو على ترشيح رئيس الاصلاح والتغيير لا يزال قائماً، فقائد الجيش يلقى ترشيحه قبولا اميركياً وعدم ممانعة من اطراف دولية بعد نجاح المؤسسة العسكرية في ضرب الارهاب، فيما لم يغب اسم قائد المغاوير السابق شامل روكز عن التداول، هذه الاسماء التي يتم تسريبها هي مؤشر ربما الى تبوؤ كرسي بعبدا عما قريب شخصية عسكرية تنهي الشغور الرئاسي.