سعد الحريري يعمل على ترميم ما اصاب تياره من اضرار بعد الانتخابات البلدية ووضعه على السكة الصحيحة بعدما اضاع هو وتياره البوصلة الى الطريق الصح، هذا ما توحي به حركة الحريري الرمضانية وان كانت تلك المآدب والمواقف الحريرية لا تصب جميعها في خدمة ما يرمي اليه، فالحريري عاد ليسقط في الاخطاء الداخلية القاتلة، فهو يقول الشيء ونقيضه في آن معاً، مصر على الاستمرار في طاولة الحوار رغم الموقف الحاد لمستقبليين يدعون لوقف هذا الحوار «غير المثمر» مع حزب الله، ويقود خطاب حاد ضد حزب الله وايران بعد الانتخابات البلدية وتذهب كتلة المستقبل الى النهاية في التلميح الى الضاحية في انفجار فردان على خلفية العقوبات الاميركية، هذا الموقف جعل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة يوجه الرسالة التحذيرية الاولى «بان على من يريد اجراء المراجعة والحسابات النقدية فاذا به يلتزم بخطاب خصمه الذي فاز عليه بالانتخابات لتبدأ المراجعة بمسار خاطىء قد يوصل الى الفتنة».

وهذه الرسالة حسب اوساط سياسية لم تأت من العدم او الـ«لا شيء» فحزب الله يتابع منذ انفجار فردان وبداية الجولات الرمضانية مسار التصعيد المستقبلي، وهو بحسب الاوساط يمكن ان يتفهم بعض المواقف ويمررها وتبقى اخرى من الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها عندما تمس الكرامات او عندما تتعلق الامور بالثوابت وضرورات الحفاظ على السلم الاهلي، فهكذا يمكن فهم كلام رعد حول المسار الخاطىء للمراجعة، فحزب الله يتفهم ما اصاب الحريري والحرج بين رئيس المستقبل وجمهوره، وهو الذي ذهب الى السير بمرشح من فريق 8 آذار والى طاولة الحوار بخلاف وجهة نظر عدد من قياداته الامر الذي جعل اخصامه او فريقاً من داخل المستقبل يقفز فوق رأس الحريري وهذا ما فعله أشرف ريفي عندما حصد بخطاب متطرف لـ14 آذار الاصوات السنية في طرابلس مسقطاً الحريري بالضربة القاضية . فالواضح اليوم كما تقول الاوساط ان الحريري يحاول ان يحمل الطابتين في اليد الواحدة، فهو يريد طاولة الحوار وفي الوقت نفسه يحاول استعادة جماهيره التي خسرها وتعبئتها بالشعارات التي تناسب المرحلة بعدما فقد زمام الاثارة لدى جمهوره الذي ذهب في انتخابات طرابلس الى الخطاب المتطرف والحماسي ضد الفريق الآخر.

بدون شك فان الحريري مر بإحباط بعد الانتخابات البلدية، تضيف الاوساط، فلم يكن سهلاً ان يربح أشرف ريفي المنازلة او معركة طربلس، والحريري الذي يعاني أزمة سياسية ومالية مع السعودية فشل ايضاً في تحقيق اختراقات في الملف الرئاسي وداخل تيار المستقبل كما فشل حتى الآن في ترسيم طريق العودة الى السراي. لكن بالنسبة الى الحريري فان الخلاف في السياسة شيء وطاولة الحوار شيء آخر، وبدون شك فان الحريري يتنظر من حزب الله تسهيلات في الموضوع الرئاسي وقانون الانتخابات وربما في مرحلة لاحقة رئاسة الحكومة.

وترى الاوساط ان العلاقة بوجهين بين المستقبل وحزب الله من قبل المستقبل ليست أمراً طارئاً او جديداً، سبق منذ نشوء طاولة الحوار ان حصل تقارب وتباعد في الوقت نفسه، فالعلاقة بين حزب الله والوزير نهاد المشنوق رأس الحربة في تيار المستقبل بعد ان خف مؤخراً وهج الرئيس فؤاد السنيورة شهدت طلعات ونزلات على غرار علاقة الحريري بالضاحية ايضاً، صحيح ان العلاقة التي صانها ورعاها حزب الله والتي سعى المشنوق الى ان تكون متمايزة ومختلفة عمن سبقه الى السراي سقطت في عدة استحقاقات بعد ان كانت الامور تمكنت من اجتياز مطبات كثيرة واسلاك شائكة وضعتها في وجه تلك العلاقة من قبل المتضررون من تقارب المستقبل وحارة حريك او ستاتيكو التهدئة الذي يحصل كل فترة.

ثمة من ينزعج من الاتصالات المفتوحة بحسب الاوساط، بين مكتب وزير الداخلية وقيادة حزب الله للتنسيق الامني ومتابعة ملف الارهاب والشبكات والمجموعات الارهابية المتسللة الى العمق اللبناني تحت عنوان مكافحة الارهاب، سبق لوزير الداخلية ان فاجأ الجميع في حمأة الخلافات السياسية والتجاذبات مع حزب الله بزيارات الى مواقع استهدفها انتحاريو «القاعدة» و«النصرة» في الرويس والضاحية الجنوبية، يومها فعلها المشنوق وتجاوز التحذيرات الامنية والتزامات فريقه السياسي ليقف في قلب الضاحية معلناً التصدي للارهاب وقرار المستقبل بعدم التهاون في التحقيق ومواصلة السعي لمحاربة الارهاب، والمشنوق تجرأ على سجن رومية لتطبيق الخطة الامنية فيه وضبطه وتحريره من سطوة وارتكابات الموقوفين الاسلاميين قبل ان تدور الدنيا الف دورة على المشنوق لتتعالى الاصوات في مشهد غريب وفريد من قيادات المستقبل تطالب باقالته ومحاسبته بعد تسريب فيلم مصور عن ضرب السجناء في رومية من قبل عناصر امنية لتنهال عليه كل النعوت والصفات من زملائه في التيار الازرق وفي مقدمهم وزير العدل المستقيل اشرف ريفي الذي قاد بشكل غير مباشر الشارع ضده وليصبح رأس وزير الداخلية مطلوباً في الحملة الداخلية لتيار المستقبل التي أدارها وزير العدل في حينه.

ومن «زلات» المشنوق ما قاله وزير الداخلية في ذكرى وسام الحسن الثالثة الذي نسف الى حد ما علاقته بحزب الله وجسور التواصل التي نشأت بينهما، وثمة من يشيع ان هناك من يريد اغراق المشنوق في وحول مواقفه ويحاول احراق اوراقه في الشارع السني وقطع الطريق امام وصوله الى السراي وتفشيله امنياً وسياسياً من داخل البيت الازرق بعدما قطع اشواطاً في الاعتدال وضرب الارهاب والحوار مع الاخصام من التيارات السياسية المغايرة، وإلا كيف يمكن تفسير حملة النواب كباره الذي وصفه ذات يوم بالاسكندر ذو القرنين وخالد الضاهر ووزير العدل ضده التي تتجدد دائماً في قضية الموقوفين في المبنى «د» ومن داخل البيت المستقبلي، ويمكن الحديث عن عملية تصفية حسابات بين بعض الشخصيات في فريق المستقبل المنزعجة من تبدل في استراتيجية عمل المشنوق او تحت ضغط الشارع السني والطرابلسي على خلفية قضية الموقوفين الإسلاميين وما يحصل في سجن رومية ومستوى التقارب مع حزب الله، وثمة من يرى ان داخل المستقبل هناك اكثر من وجهة نظر في طريقة ترشيد تيار المستقبل وجعله يواكب الاستحقاقات المقبلة بحيث لا يسقط السقطة نفسها التي حصلت في الانتخابات البلدية.