لقاء عين التينة، أمس، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل في حضور وزير المال والموازنة علي حسن خليل، يُفْترض أنه وضع حداً لصراع غير معلن، ولكنه معروف، حول المسألة النفطية في لبنان التي تشمل الغاز والنفط في الداخل وفي مياهنا الإقليمية خصوصاً على عمق كبير تحت قعر البحر.

وهذا في حدّ ذاته نبأ جيد بعدما ارتفعت أصوات اصدقاء لبنان في الخارج يحذرون من المماطلة في أخذ لبنان مسؤوليته كاملة إزاء ثروة ضخمة بينما هو غارق في الديون وشعبه يتعثّر في الأزمات الإقتصادية الخانقة. خصوصاً وان «على الكتف حمّالاً»... وأي حمّال؟!.

إنه العدو الإسرائيلي الذي باشر فعلاً عملية التنقيب وإستخراج الغاز الذي تبدو بعض حقوله (بلوكات) متشابكة مع الحقول اللبنانية...

لقد أدى الصراع السياسي والإختلاف في الإجتهاد بين بري والتيار الوطني الحر الى تأخير قاتل في هذه المسألة المهمة في حين ان الخلاف كان أحياناً على المبدأ (كم عدد «البلوكات» التي يجب التنقيب فيها) أو على التفاصيل (من هي الجهة التي ستلزم التنقيب وكيف؟ ومتى؟).

ولقد تبين أن الدراسات جاهزة وهي حديثة وعصرية وقد أنجزتها وزارة الطاقة في صيغ نهائية أو شبه نهائية، وكان الرئيس تمام سلام يرفض إدراج هذا الموضوع الحساس على جدول أعمال مجلس الوزراء مخافة أن يفجّر الوضع بين وزيري أمل ووزيري التيار الوطني الحر، وهما الطرفان اللذان بينهما من الملفات الخلافية ما يكفي لتطيير الحكومة... وقد أنبأنا، أمس، الوزيران باسيل وخليل من على منبر عين التينة انه لم يعد ثمة خلاف بين الجانبين، وتولى كل منهما بإسمه وبالنيابة عن زميله مناشدة رئيس الحكومة الإسراع في مناقشة هذا الملف المهم في مجلس الوزراء لإتخاذ القرارات ذات الطابع الإجرائي لجهة تسريع عملية التنقيب.

يبقى أن المراجع المتوافرة تفيد أن حكاية لبنان مع النفط بدأت مع تشريع أصدره المفوض السامي الفرنسي هنري دو جفنيل في العام 1926 أجاز فيه التنقيب عن «مناجم النفط والمعادن واستثمارها». وفي دراسة وضعها الفرنسي لويس دوبرتريه في العام 1932 تبين أن في لبنان ثروات غازية ومعدنية، وهو ما أيدته دراسة وضعها الجيولوجي الأميركي جورج رونوراد في العام 1955. وطوي الموضوع بعد حفر بئر في تربل الشمال في العام 1946 وبئر ثانية عام 1953 في يحمر - البقاع الغربي، وفي مطلع الستينات حفرت بئر ثالثة في عدلون... الى آبار حفرت في سحمر وتل زنون (بقاعاً) وعبرين (شمالاً).

أول عملية مسح ثنائي حديثة كانت عام 2002 (شركة سكتروم الإنكليزية) وتوصلت الى إحتمال جدي لوجود النفط والغاز. بعدها حددت شركة جي، أي. اس النروجية (بعد مسح ثلاثي الأبعاد) أن الكميات الكبرى من النفط موجودة في البحر مقابل ساحل العبدة (عكار). في 2007 أدى مسح تولته شركة بي.جي. اس. وجود كميات نفط تجارية (قدرتها بـ 8 مليارات برميل)... ثم إكتشفت الشركة «حقلاً هائلاً» للغاز (فيتان) لا يقل محتواه عن 16 تريليون قدم مكعب داخل حدود لبنان المائية التي تحدها قبرص وفلسطين.

فهل إقتربنا من تحقيق هذا الحلم المزمن؟ ثم، ألا يفترض ذلك كله اكتمال منظومة الحكم وتحقيق حد أدنى من الظروف الداخلية والإقليمية والدولية الملائمة؟.. وهذا بحث آخر.