كل المؤشرات الداخلية والخارجية تؤشر الى ان الاستحقاق الرئاسي لم يعد بعيداً او صعب المنال، هذه الفرضية التي يتم تداولها في الكثير من الاوساط السياسية مؤخراً يعززها المناخ التفاؤلي لدى الاوساط أولاً من الحركة السياسية التي تدفع في هذا الاتجاه، اضافة الى المعطيات الاقليمية وغزوة الارهاب للدول المصنفة عادة خارج دوائر الخطر الاصولي والانتحاريين، من بلجيكا الى فرنسا بتعدد الهجمات والسيناريوهات. فالارهاب لم يعد يوفر احداً ولبنان في قلب الخطر الارهابي الذي تسلل اليه منذ بداية الحرب السورية باشكال مختلفة ومن نهر البارد والضنية الى عرسال والقاع وتفجرات الضاحية الجنوبية وطرابلس. ولعل احداث نيس الدراماتيكية وانقلاب تركيا وما سبقهما وربما ما سيليهما تدل على ان الارهاب عابر للقارات ولا حدود له، وعليه فعلى البيئة اللبنانية ان تتعامل معه، فليس كافياً الجهود الامنية وحدها بل ان البلاد تحتاج في ظل الهجمة التكفيرية الى رئيس يواجه الازمة العاصفة والمحيطة بلبنان والمتسللة اليه ايضاً. فمخيمات النازحين السوريين قنابل موقوتة لا احد يعلم ما في داخلها ومن يدخل ويخرج منها، والارهاب ضرب دولاً كبرى مشهود بامنها وجهوزيتها وتصديها للارهاب، فاذا به يضربها في الصميم وفي عمقها، وما غزوة القاع وخروج اربعة ارهابيين دفعة واحدة من اوكارهم الا دليل على ان الارهاب لا يمكن التنبؤ بمخططاته واهدافه، عدا ذلك ما تم كشفه من سيناريوهات وخطط لتفجير مرافق سياحية وتجمعات تجارية وكان آخرها واكثرها خطورة ربما ما كشف عنه قبل يومين عن شبكة الاوزاعي. فالتفجيرات الارهابية معناها ان الارهاب لا يوفر احداً وان الهدوء الحذر الذي ينعم به لبنان من وقت الى آخر قد يسقط في اي لحظة اذا سقط الغطاء الاقليمي المعطى له كما يحكى تحت ستار تأمين لبنان ملاذاً آمناً للنازحين السوريين. ولكن كما تضيف الاوساط فان هذه النظرية مهددة بالزوال في اي وقت وبالتالي فمن الضروري تحصين الساحة الداخلية تحسباً لاي مخاطر.

ومن المؤكد ان الاوضاع الاقليمية في غاية الخطورة، فالارهاب ضرب اوروبا والمنطقة، والازمة في سوريا والعراق تراوح مكانها وهي طويلة ربما، ولا يجوز المراهنة عليها فيما الفكر الارهابي يتنامي في الداخل اللبناني ولولا جهود القوى الامنية الهائلة لكان لبنان سقط تحت وطأة الضربات الارهابية منذ بداية الاحداث السورية، ولبنان تجاوز قطوع عرسال والشبكات الارهابية الخطيرة والتفجيرات في الضاحية الجنوبية وطرابلس وجبل محسن والاغتيالات السياسية وخطف العسكريين وتصفيتهم واطلاق البعض لدى النصرة وبقاء آخرين لدى داعش. بدون شك فان الوضع الامني ومخاطر التفجيرات الانتحارية يفترض ان تعطي دفعاً وحلحلة لانجاز الملف الرئاسي.

ويبدو جلياً من المواقف والحركة الداخلية ان الجميع يستعجل الاستحقاق، فرئيس المجلس يدعو الى دوحة جديد فيما يطالب النائب وليد جنبلاط باي رئيس لانقاذ الوضع اللبناني. عدا ذلك فان السحور بين جعجع والحريري ولقاء جنبلاط وجعجع وما رشح عنهما تدل على ان ثمة قراراً داخلياً بتعجيل الاستحقاق وان كان ثمة رأي ان الحريري بعد زيارته للسعودية عاد اكثر تشدداً تجاه ترشيح عون بعد ترتيب وضعيته السياسية والمادية مع المملكة، في حين ان جنبلاط الذي طرح معادلة «اي رئيس « لم يكن يقصد وفق المتابعين قبوله بعون انما بسليمان فرنجية، مما يعني ان المواقف على حالها، ويزيدها التشنج الذي رافق التفجيرات في منطقة القاع والتي حاولت الايقاع بين حزب الله واهالي المنطقة وحيث راحت القوى السياسية تحاول تحقيق مكاسب في السياسة على دماء الشهداء.

وبحسب الاوساط فان الاندفاعة الداخلية عامل اساسي في الاستحقاق الرئاسي وهي قد تنتج رئيساً رغم كل التعقيدات وهي ضرورية في هذه المرحلة البالغة التعقيد امنياً وسياسياً وفي الوقت الذي يقبل لبنان على انجاز التفاهم النفطي بعد سنوات من الخلافات والتجاذبات حوله وفي ضوء ما يعصف بدول الجوار من متغيرات واحداث قد تقلب موازين القوى فيها.