عشية الخلوة الحوارية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل، تبدو ملفّات لبنان الدستورية والسياسية والاقتصادية اكثر من ان تحصى، بدءًا من ملف ​الانتخابات الرئاسية​، وصولاً الى ​قانون الانتخاب​ النيابي، ويُضاف اليها ملفّ النفط، الذي ما زال مجمّدًا رغم الاتفاق بين رئيس تكّتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون وبري على بعض تفاصيله.

ويذكر المراقبون بأن المتحاورين لم يصلوا بعد في الملف الرئاسي الى نتيجة عملية تؤدي الى اختيار رئيس للدولة، وكلّ ما تم انجازه هو الاتفاق على المواصفات المطلوبة للرئيس، لكنهم عجزوا عن اختيار الشخصيّة التي تتوفر فيها هذه المواصفات.

وتسأل أوساط نيابية: اذا لم تتمكن جلسات الحوار السابقة والتي جرت على امتداد اشهر عدة من ايجاد حلّ بسيط، فما هي الاسباب التي ستجعل من شهر آب شهرا رئاسيا بامتياز، ليتمكن المجلس النيابي من انتخاب المرشح المحظوظ او أي شخصيّة غير مرشحة رسميًّا او علنًا للوصول الى قصر بعبدا؟!

وترى المصادر ان الكلام او الجهود التي يقوم بها البعض "للبننة" هذا الاستحقاق، ليست سوى محاولات يعرف المبادرون إليها بأنّها لن تؤدي الى نتيجة، وهي بمثابة تبرئة للقيّمين عليها من الاتهامات بأنهم يعطلون الانتخابات الرئاسية، خاصة وان مثل هذا الاتهام لم يعد محصورا بـ"حزب الله" بعدما رشق الرئيس السابق أمين الجميل "​القوات اللبنانية​" به.

وتطرح المصادر سؤالاً آخر حول ما قاله رئيس الحكومة تمام سلام وللمرة الاولى وبشكل علني لا يدعو الى الالتباس، بأن إنجاز هذا الاستحقاق اصبح مرتبطا بتوافق سعودي-إيراني، فأين هي المعطيات التي بحوزة المتحاورين والتي تشير الى قرب حصول هذا التوافق وانتخاب رئيس للجمهورية؟

وتلاحظ المصادر التي شاركت في عدد كبير من جلسات النقاش التي جرت في اللجان النيابية لاقرار قانون جديد للانتخابات، ان إمكانية التوافق بين القوى السياسية الاساسية على مساحة مشتركة تفرز قانونا جديدا مستحيلة، مشيرة الى انه في حال صدقت توقعات الجميع بأن لا تمديد جديدا للمجلس النيابي، فإن اكثر ما يمكن ان تتوصل اليه ​طاولة الحوار​ هو إحالة هذا الملف الى الهيئة العامة للمجلس النيابي، كما يطالب البعض، والتصويت على كل القوانين الموجودة، لكن هذا الامر يحمل في طياته عقبات، منها، ان التيار الوطني الحر سيصرّ وبحسب الأصول على ان تبدأ الهيئة بالتصويت على ​القانون الأرثوذكسي​ على اعتبار انه أنجز في اللجان عكس غيره من القوانين وبالتالي يجب طرحه، وهذا لم يحظَ بعد بقبول بري، يضاف الى ذلك اصرار "الكتائب" على عدم حضور أيّ جلسة للمجلس ان لم تكن لانتخاب رئيس للبلاد، لأنها تعتبر ان هذا المجلس هو هيئة انتخابية ولا يحق له التشريع في ظل الفراغ الرئاسي.

وفي ملف النفط، ترى المصادر أنه بعد استبشار المعنيين خيرا بقرب إقرار مراسيمه في مجلس الوزراء بعد اتفاق حركة "امل" و"التيار الوطني الحر"، وتسوية الخلافات في وجهات النظر حوله، فإن تسريبات مقرّبين من رئيس الحكومة تمام سلام تصر عليه ان ينتظر اتّفاق كل القوى السياسية قبل الدعوة الى اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بملف النفط، لإبداء ملاحظاته على مختلف جوانبه ليطرحه بعد توفير كل مستلزمات نجاحه، لأن هذا الوضوع يتضمن شقا سياسيا بامتياز، إذ لا يكفي ان يتفق فريقان عليه ليصل الى خواتيمه المرجوّة، ولهذه الاسباب من المستبعد ان تنجح حوارات الأيام الثلاثة بحله .

وتخلص المصادر إلى أنّ جلسات الحوار الجديدة لن تكون مثمرة ولن تجد أيّ حل لأي من الملفات الشائكة، وان أكثر ما يمكن ان يحصل بعد هذا الحوار هو ان تتقاذف القوى السياسية الاتهامات حول من أفشله، والذي سيثبت ايضا مقولة ان حكومة سلام هي حكومة تصريف اعمال، مع آمال اللبنانيين بأن يظل الجيش قادرًا على تأمين الأمن والسلام لهم لا سيّما بعد تزايد احتمال الانفجارات، وبالتحديد ما يخطط له التكفيريون.