لا شك في أن شهر أيلول يُعَدّ كابوساً بالنسبة الى العائلات اللبنانية، فهذا الشهر يُعتبَر امتدادًا لفصول ​الغلاء المعيشي​ في لبنان، والمستمر عبر الايام والاسابيع والشهور.

في هذا الشهر، تطل المدارس من بوابة التجهيزات وليس العلم، وعلى مبدأ ان كل شيء في لبنان تصاعدي، تستغل المدارس ​سلسلة الرتب والرواتب​ والغلاء لزيادة رسوم التسجيل. ومن ناحية أخرى، تستغل المكتبات هذه الفترة من السنة لكي ترفع أسعار الكتب والقرطاسية، ودائماً في غياب الدولة.

"الطفل الواحد يكلف 8 مليون، قبل أن يتعلم حرفا واحدا"، هذا ما يتكبّده ابراهيم وهو أب لطفلين، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن "قسط طفليه مع بدء العام الدراسي لوحده هو 16 مليون ليرة لبنانية، وذلك دون ثمن الكتب والقرطاسية أو حتى النشاطات الخارجية التي ستجري خلال العام الدراسي"، معربا عن تخوفه من زيادة القسط في منتصف العام الدراسي.

في هذا السياق، أكدت رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان الفتوح وجبيل، ​ميرنا خوري​ في حديث لـ"النشرة" أن "زيادة أقساط المدارس مرتبطة مباشرة بزيادة رواتب الأساتذة"، مشددة على أن "تخوفنا الوحيد هو من اقرار سلسلة الرتب والرواتب التي من شأنها زيادة اسعار الاقساط بنسبة كبيرة".

وشددت خوري على أنه "لا داع لزيادة الأقساط اذا لم تقر سلسلة الرتب، لكن هذا لا يعني أننا ضد تحسين الحالة المادية للأساتذة، لذلك على الدولة أن تولي اهتماما لهذا الموضوع ونحملها مسؤولية عدم متابعة هذا الملف"، معتبرة "أننا أمام معضلة كبيرة ولن تنتهي اذا لم تدعم الدولة التعليم في المدارس الخاصة وتوقف الهدر في التعليم الرسمي، فمثلا في المدارس الرسمية عدد الأساتذة أكبر من عدد التلامذة، والتلميذ في المدارس الرسمية تكلفته على الدولة أعلى من أقساط المدارس الخاصة".

بدوره، أوضح أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب ​بطرس عازار​ لـ"النشرة" أن "جميع المدارس محكومة بالقانون 515 الصادر عام 1996، الرامي الى "تنظيم الموازنة المدرسية ووضع اصول تحديد الاقساط في المدارس الخاصة غير المجانية"، مؤكدا أن "ليس كل المدارس لديها زيادة دورية على الأقساط ولكن الصحيح هو أن جميع المدارس مجبرة على تطبيق القانون 515"، مشيرا الى أن "الموازنة المدرسية قسمان، القسم الأول يتعلق بالرواتب والأجور وهذا يشكل 65 بالمئة من الموازنة، والقسمم الثاني يتعلق بتطوير وتجهيز المدرسة وهو يشكل 35 بالمئة من الموازنة".

وشدد الأب عازار على أن "هذا التوازن يجب أن يكون محترما ومن هذا المنطلق تضع المدرسة ميزانيتها، ولكن القسم المتعلق بالتطوير والتجهيز لا يجب أن يرتفع فوق الـ35 بالمئة، والقسم المتعلق بالرواتب والاجور لا يجب أن ينزل الى تحت الـ65 بالمئة، وذلك بموجب القانون"، معتبرا أن "كل زيادة على الأقساط دون تبريرها عبر مندرجات القانون تعتبر غير قانونية".

وردا على سؤال حول كيفية اتخاذ قرار زيادة الأقساط، لفت عازار الى أنه "يتم أولا تحضير جداول الرواتب والمصاريف لوضع الموازنة، ثم يتم درسها مع لجنة الأهل وندقق بالارقام، على أثرها يتم تحديد نسبة الزيادة على الأقساط وتوزيعها على الصفوف بحال أقرت"، مؤكدا أن "هذا يجب أن يحصل قبل 31 كانون الثاني لأنه يجب ارسال الموازنة الى مصلحة التعليم الخاص، ونحن في مدارسنا نطلب تقديمها قبل 31 كانون الاول حتى ندرسها ثم يتم التوقيع عليها من قبل لجنة الاهل وارسالها لوزارة التربية".

وأكد أن "أي مدرسة تبرر في الوقت الحالي الزيادة على الأقساط بسبب سلسلة الرتب والرواتب، هو أمر خارج عن القانون لأن السلسلة لم تقر. ولكن عندما تقر من المؤكد أنه سيكون هناك زيادة على الاقساط"، مشددا على "أننا كلجنة أسقفية وكأمانة عامة لمدارس الكاثوليكية، نطالب بتوازن سلسلة الرتب بحيث تستمر المدارس بمسيرتها ولا تزيد الأقساط بشكل كبير، والمعلمون يأخذون حقوقهم المشروعة والمتوازنة".

كما رأى الأب عازار أن "قضايا الأقساط تستغل سياسيا واعلاميا"، مطالبا الدولة بـ"تحريك الحد الأدنى للأجور بما يواكب غلاء المعيشة. فهي لم تقر غلاء المعيشة وكأنها تريد أن يستمر الخلاف في الأسرة التربوية".

الكتب المدرسية​... عبء اضافي

"وكأن الأقساط لا تكفي"، هكذا تلخص ريما وهي أم لثلاثة أطفال أزمتها مع الكتب المدرسية، موضحة في حديث لـ"النشرة"، أن الفرق بين اثنتين من بناتها هي سنة واحدة فقط، "وبالتالي من الطبيعي أن تعطي ابنتي الكبرى كتبها الى شقيقتها، ولكن صدور طبعات جديدة كل عام واجبارنا على شرائها يزيد علينا المصاريف التي ظننا أننا قد تخلصنا منها بشكل أو بآخر".

وحول هذا الموضوع، أكدت خوري أن "لجان الأهل لا تملك قدرة على ضبط أسعار الكتب، ففي بعض الأحيان هناك احتكار خصوصا أن 5 في المئة فقط من المدارس في لبنان تبيع الكتب داخل المدرسة"، مشيرة الى أنه "يتم اجبار الأهل على شراء الطبعات الحديثة، وبالتالي لا نستفيد من الكتب المستعملة مع العلم أن الاختلاف بين الطبعة القديمة والجديدة يكون شبه معدوم أو يقتصر على صفحة واحدة".

وشددت على أن "الرقابة على أسعار الكتب يجب أن تكون من قبل مصلحة حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة"، مشيرة الى "أننا كلجنة أهل لا نشعر أن هناك أي رقابة على هذا الموضوع".

يجدر الأخذ بعين الاعتبار أن مصادر الكتب المدرسية في لبنان 3، المصدر الأول هو الكتاب الصادر عن "المجلس التربوي للبحوث والانماء" وهو المعتمد في جميع المدارس الرسمية، ثانيا الكتب الصادرة عن دور النشر الخاصة، والمصدر الثالث هو الكتاب المستورد الاجنبي.

"سمفونية" الأقساط والكتب تتكرر عاما تلو الآخر، فهل من يكترث لهذه المأساة المتكررة؟ والى متى سيبقى العام الدراسي رهن التجاذبات السياسية المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب؟ ومتى ستتحرك وزارة الاقتصاد لتفرض الرقابة على تغيير طبعة الكتب وسعرها؟