على هامش المحادثات السياسية حول سوريا، انطلقت ورش اعادة الاعمار بمشاركة 122 شركة يمثلون 11 دولة عربية وأجنبية على أرض مدينة المعارض في العاصمة السورية دمشق تحت عنوان "إعادة إعمار سوريا 2016" الذي تقيمه مؤسسة الباشق للمعارض بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان السورية.
ولهذا المعرض دلالات سياسيّة كبيرة، لا سيما لجهة جنسيات الدول المشاركة، خاصة وان من بين المشاركين شركات فرنسية وألمانية إلى جانب الروسية والبيلاروسية والاندونيسية والباكستانية والإيرانية واللبنانية والسورية، ما يعني ان "الهدنة" لا بد منها وأنها مقبلة الى الميدان السوري في وقت ليس ببعيد، لا سيّما وان الاستثمار بحاجة الى استقرار، مثل طائر "السنونو" الذي يأتي مع الربيع، وحين يأتي الربيع ياتي السنونو وكذلك الاستثمار يأتي مع الأمن. الموضوع يبقى عالقا بانتظار تذليل العقبات التي لا تزال تحول دون إبرام تفاهم نهائي بين واشنطن وموسكو.
مؤشّر الثقة؟!
اللافت بالمعرض المقام انه بإشراف الحكومة السورية وفي العاصمة دمشق التي سترعى التواصل المباشر بين العارضين ورجال الاعمال، وهذا الموضوع مؤشر ثقة بالحكومة السورية والرئيس السوري بشار الاسد، وإعادة الاعمار يعني إعادة انطلاق العجلة الاقتصادية كما يوفر فرص عمل بعد أزمة طويلة عانتها البلاد والليرة السورية لاكثر من 5 سنوات. ويشارك بالمعرض عدد من الشركات المحلية والعربية والدولية المختصة بالبناء بكافة مجالاته ومعداته، البيئية، الطاقة، الصحة، التعليم، الزراعة، الاتصالات، تقنيات وتكنولوجيا المياه، التأمين، التطوير العقاري، أنظمة الحماية والأمان، المعلوماتية، السياحة، الصناعات الغذائية وكافة الخدمات المختصة المتعلقة بها، على اعتبار سوريا إحدى الأسواق الواعدة التي تتوفر فيها جميع الإمكانات والطاقات البشرية والمواد الخام.
مصادر مشاركة بالمؤتمر سألت عارضين اوروبيين عن سبب مشاركتهم للمرة الاولى، وعن الاسباب المشجعة لها في ظل الحرب الّتي لا تشجع على الاستثمار، فكان الرد جازما بأن الوضع السوري ذاهب نحو التحسّن بشكل سريع، وان الشركات الاوروبية ستكون من بين الشركات العارضة لاتي ستقدم خدماتها لاعادة الاعمار في سوريا.
تظاهرة اقتصادية بأبعاد سياسية
وفي السياق، اشار المحلل السياسي والاقتصادي السوري الدكتور حيان سلمان في حديث لـ"النشرة" من دمشق، الى أنّ المؤتمر عقد في ظروف صعبة في ظل الحرب، ولكن الحكومة السورية أصرّت على استمرار العملية الاقتصادية، فكان المعرض الذي يمثل تجسيدا ماديا لتوجيهات الرئيس الاسد لاعادة الاعمار والبناء، ولا بد من الإشارة الى ان هذا الحدث أقيم على ارض المعارض والتي كانت منذ فترة يهددها المسلحون الإرهابيون من ريف دمشق.
وكشف حيّان، الذي شارك في المؤتمر، عن عرض شركة من الولايات المتحدة لمنتجات اميركية، موضحا انه بشكل عام كان المعرض تظاهرة اقتصادية ولها ابعادها السياسية، كما انه يؤكد ان سوريا ليست معزولة عن دول العالم رغم ان إعادة الاعمار ستتم بأيادي سورية والدول الصديقة، والحديث عن أن دمشق مقاطعة غير صحيح وغير دقيق، وقد تقدّمت شركات هذه الدول بأفضل منتجاتها، ومن هنا نتفهم الأهميّة الاقتصادية والسياسية لهذا المعرض، والذي ستأتي معارض اخرى من بعده.
ولفت الى ان سوريا التي كانت من بين اكثر 5 دول آمنة في العالم عام 2010 ستعود الى سابق عهدها: "ونحن بدأنا بمشروع "خلف الرازي" الاقتصادي للبناء، كما بدأنا بترميم المعامل واقامة أخرى جديدة وبدأت الصادرات بالتحسن. واعتبر أن هدف الاعداء بتدمير الدولة السورية وتحويلها لدولة فاشلة بالمعنى السياسي لم يتحقق، ونحن وضعنا الخطط الاستثمارية والتي ستنفذ في القطاعات كافة لا سيما الانتاج المادي، الزراعة، الصناعة، ومع زيادة الاستقرار السياسي يتحسن الاستثمار الخارجي، وكما انتصرت سوريا عسكريا وسياسيا ستنتصر اقتصاديا.
في الختام، تجدر الاشارة الى ان الانطلاق بعمليّة اعادة الاعمار مؤشر على ان الحل السوري وضع على السكّة، وان جميع الدول باتت جاهزة لتأخذ دورا اقتصاديا بارزًا في المرحلة المقبلة، ولبنان سيكون من المستفيدين من الحركة الاقتصادية.
اللقاءات السرية والعلنية حول سوريا للوصول الى حلّ ازدات وتيرتها في الفترة الراهنة، على امل الوصول الى حلّ ينهي هذه الأزمة الدموية والتي قتلت الكثير وشرّدت الملايين.