انعقدت مجلس الوزراء بالامس شكليًّا ولم تنعقد فعليًّا، إذ لم تتخذ قرارات بل أخذت الجلسة طابعا نقاشيًّا للاوضاع السياسيّة الراهنة، في ظل مقاطعة التيار الوطني الحر وتضامن حزب الله معه كي لا يحشره وحيدا وتيار المردة الذي قاطع بناء على طلب من الحزب، وفي ظلّ مشاركة وزير السياحة ميشال فرعون الذي أمّن النصاب شرط ألاّ تتخذ قرارات في الجلسة، مما يعني ان جلسات الحكومة أصبحت "لا تُسْمِنُ وَلا تُغْنِي مِن جُوعٍ".

عطلة عيد الاضحى وسفر رئيس الحكومة ​تمام سلام​ أعطى البلاد إجازة سياسية من المشادّات، بانتظار الاتصالات التي وعد حزب الله بتولّيها لتذليل العقبات، مع تصعيد عوني مرتقب بعد زيارة بكركي وتحضير الأجواء لذلك، في ظلّ تعطّل شامل للمؤسسات.

الحكومة والهاوية!

الصحافي والمحلّل ​عامر مشموشي​ اعتبر ان الجواب على الوضع الحكومي هو وصف وزير الداخلية نهاد المشنوق في جلسة الحكومة التشاروية انها "على شفير الهاوية"، ولم يعد أمامها خيارات كثيرة للإبتعاد عن الإستقالة وهو ما عبّر عنه أيضا رئيس الحكومة في الجلسة، وطالما ان التيار الوطني متمسك بموقفه مقاطعة الجلسات إذا كانت الحكومة مصرة على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ما يعني انه لم يعد أمام سلام إلاّ الإستقالة بعد تضامن حزب الله والمردة مع التيار الوطني الحر، ونحن نعرف أن الحزب لا يفكّ ارتباطه مع التيار الوطني.

واستبعد مشموشي في حديثه الى "النشرة"، ان يكون هناك امكانية للوصول الى تسوية ما لان هناك اتفاق شبه عام بين الافرقاء على التمديد لقائد الجيش، وهو ما لا يمكن ان يقبل به التيار الوطني الحر، مما يعني ان الوضع الحكومي مجهولٌ معلومٌ وهو ساقط في الهاوية، إلاّ اذا تمكن حزب الله من اقناع الوطني الحر بالتراجع عن موقفه، وهذا برأيي أمر صعب ويصل الى حدّ الاستحالة.

بدوره، اعتبر الصحافي والمحلل ​جورج علم​ أن "لا مفر من العودة الى طاولة الحوار ولا بدّ من ان تنجح الوساطات مع التيار لإعادة الامور الى المؤسسات، سواء في ما يتعلق بطاولة الحوار او في ما يخصّ جلسات الحكومة التي هي بالكاد جلسات تصريف اعمال، ولكن بالمقابل لا بد من منهجية جديدة لطاولة الحوار كما أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري للوصول الى "لبننة" الملفات أقلّه التفاهم على قانون انتخاب".

واوضح علم عبر "النشرة" انه "بالمقابل هناك رأي يقول ان التيار ما كان ليرفع السقف بهذه السرعة والحدّة إلاّ استجابة لمناخ خارجي يدخل الساحة اللبنانية الى غرفة العناية المركزة الدوليّة، للتوافق على اللامركزية الادارية بخطوطها العريضة والتفصيليّة لينطلق منها البحث بعد ذلك الى سلّة متكاملة حول الاصلاحات والرئاسة والحكومة وتوزيع الحقائب".

هل من مكاسب متواضعة؟

الى ذلك، لفت مشمومشي الى ان التيار علّق اجتماعات طاولة الحوار وبري متمسك بموقفه بعدم توجيه دعوة جديدة إلاّ اذا عاد التيار عن موقفه، مشيرا في السياق الى أن مجلس النواب مشلول ويعتبره التيار غير شرعي وغير دستوري، واليوم جاء دور الحكومة، وعندما تسقط كل مؤسسات الدولة حينها تعتبر الدولة ساقطة، والوطني الحر اتخذ هذا الموقف بعدما رأى استحالة وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وتصعيد الموقف يأتي في اطار الضغط لانتخاب عون رئيسا وحينها تعود الدولة والمؤسسات الى انتظامها، مع العلم أن ليس من مصلحة حزب الله فرط الحكومة، فهو يريدها غطاء له حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الاسود في المفاوضات الاميركية الروسية حول سوريا.

من جهته، ذكر علم ان المناخ العوني يشير الى انه لن يعود الى الحكومة بمكاسب متواضعة، لأنه بحال فعل ذلك سيكون هناك اشمئزاز من جمهوره بدل التعاطف، والموضوع أبعد من مراكز إداريّة كما يقال، والمطلوب اليوم مناخ جديد حول التركيبة السياسية اللبنانية انطلاقا من رئاسة الجمهورية، وهذا ما يجعل العديد من الفعاليات المسيحيّة غير العونيّة متعاطفة مع هذا الطرح، لذلك فإنّ العونيين أمام امتحان ليس فقط أمام الشركاء الآخرين، بل أيضا أمام الرأي العام المسيحي ان كانت مطالبه وطنية أم من أجل مصالح ضيقة وآنية، لافتا في السياق الى ان مبادرة المردة بمقاطعة الحكومة جاءت بناء على طلب من حزب الله وليس من أجل عون ولا التضامن المسيحي.

على وقع الاتصالات القائمة تدخل عطلة عيد الأضحى لتفرمل التحركات وتعطي وقتا اضافيا للحلول التي باتت اليوم أصعب بعد مواقف الافرقاء كافة، ان كان على صعيد الحوار او في مجلس الوزراء. ويبقى السؤال الأبرز هل يرافق هذا التصعيد الكبير حلول في نهاية المطاف، أم ان البلد ذاهب نحو الشلل التام بإنتظار الفرج الإقليمي؟!.