قرار «التيار الوطني الحر» بالتصعيد حتى الساعة «لا رجوع عنه»، والرابية تنحو نحو المواجهة لتحقيق مطالبها ورفع «المظلومية» عن المسيحيين وتحقيق الميثاقية الوطنية. ويمكن القول وفق اوساط مسيحية ان التيار الوطني حقق بعد تعليق طاولة الحوار وتحويل مجلس الوزراء الى اجتماع تشاوري غير قادر على اتخاذ قرارات بغياب وزراء حزب الله والرابية والطاشناق والمردة اولى وثباته او خطواته التي يرسمها منذ فترة احتجاجاً على ضرب الميثاقية وفرض التعيينات الامنية، ومحاولة اقرار التمديد لقائد الجيش. ولعل ما يقوي موقف التيار انضمام حزب الله الى الجبهة التي يخوضها عون بعدما كثرت الانتقادات لموقف الضاحية حيث يفترض ان يشكل موقف حزب الله قوى ضاغطة لدفع المعنيين للتعاطي بجدية مع حقوق التيار الوطني الحر بالرئاسة ورفع مستوى التمثيل المسيحي انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على التوازنات الداخلية. وحيث ان انضمام المردة الى مقاطعة الجلسة وان كان يصب في خانة التضامن مع حزب الله اكثر من عون، الا انه يعتبر تضامنياً مع ما يطالب به التيار الوطني الحر وحيث ان الخلاف الرئاسي لا يعني الاختلاف في السياسة بين بنشعي وكل من الرابية وحارة حريك.

ولكن اذا كان المراهنون يعولون على اجازة عيد الاضحى وسفر رئيس الحكومة الى نيويورك لامتصاص نقمة التيار وعلى جهود ومساعي او دور ما سيلعبه حزب الله مع حليفه في الرابية لترتيب الوضع الداخلية وتهيئة الامور الا ان قرار التيار بالمواجهة لن يتم تعديله تؤكد الاوساط، وتكرار السيناريوهات الماضية بانسحاب التيار وتراجعه تحت وطأة الهواجس الامنية والضغوط السياسية امر غير وارد في اجندة التيار اليوم فرئيس التيار جبران باسيل وضع سقفاً للمواجهة الحالية، وغير المسموح ان يتحول الغياب عن الحكومة الى امر عابر يمكن التأقلم معه وباسيل لوح بالطلاق مع كل الاطراف عندما يتم انتزاع الميثاقية وعندما يصبح التمثيل المسيحي في دائرة الخطر. ويستحضر العونيون تجارب ومحطات ماضية في وجه المشككين بنجاح «تمردهم» وعصيانهم على الحكومة فالسيادة وخروج الاحتلال السوري استلزم 15 عاماً والميثاقية لا بد ان تحقق لو طال الزمن.

اما القول او انتقاد التيار بتبني خطاب مسيحي وطائفي لشد العصب المسيحي حوله فترده اوساطه في التيار الى فشل الطرف الاخر واحراجه ودخوله في عمق الازمة، فالتيار ليس بحاجة الى اثبات شعبيته ورفع منسوبها في البيئة المسيحية التي اظهرتها نتائج الاستحقاق النيابية والبلدية والارقام التي يحصدها التيار في الصناديق. واللجوء الى هذا الخيار امر فرض على التيار نتيجة تواطؤ الحكومة بضرب الميثاقية. وصيغة العيش المشترك وليس صحيحاً ان التيار يخوض حرباً شخصية مع رئيس الحكومة او في صدد توريط لبنان في حرب اهلية، بل من يفرض التهميش ويصادر حقوق المسيحيين فقضية التمديد لقائد الجيش بنظر العونيين استمرار لخرق الدستور والقوانين، اما لجوءالتيار الى مثل هذا الخطاب فلأن القاعدة الشعبية وليس التيار وحده تشعر بالذمية السياسية على مستوى التعيينات وقانون الانتخاب والسؤال الذي تطرحه اوساط التيار في معرض دفاعها عن احتكار التمثيل المسيحي «هل يجوز استبدال» «امل وحزب الله» المكونان الشيعيان الاقوى بعقاب صقر؟

واذا كان باسيل هو رأس الحربة في خطاب التيار اليوم وهو الاكثر مشاكسة في مجلس الوزراء فالواضح ان ميشال عون وضع استراتيجية المواجهة سياسيا وميدانيا وعليه يبدو التيار على اهبة الاستعداد فهو استنفر اجهزته الاعلامية والسياسية ومؤخرا شكل التيار الوطني الحر خلية ازمة لادارة المرحلة ومواكبة قرار التيار التصعيدي، وما يمكن ان يحصل من خطوات في الشارع خصوصا ان ثمة خطوات غير تقليدية يتم التحضير لها او ضربات موجعة ومكلفة» فخيار الاستقالة من الحكومة مطروح في اي وقت ومحطة 13 تشرين الاول مفصلية ولكن قبل ذلك فإن التيار يتحضر لاطلالة مختلفة معبرة في 12 ايلول لرئىسه في حفل توزيع بطاقات لمنتسبين جدد في ملعب غزير حيث سيتضمن خطاب باسيل رسائل او ما يعبر عن وجهة عمل التيار وقراراته المقبلة، ويبرز اطر المرحلة في التعاطي مع ازمة الميثاق والشراكة في النظام.

الانطلاق الى الشارع احتمال قائم بقوة ونهائي ويرصد له التيار متابعة دقيقة وفي حين يربط البعض بين قرار التوجه الى الشارع وعدم حماس القوات وحزب الله للنزول الى الشارع ربطا بالوضع الامني وحراجة سقوط الحكومة التي لا تزال تحظى بغطاء اقليمي خصوصا ان الاعتقاد السائد ان المس بالوضع الامني خط احمر لأن لبنان يعتبر حاليا مستودعا آمنا للنازحين السوريين، فإن العونيين يتحضرون للشارع وربما بدون مشاركة معراب او الحليف في الضاحية، فالتظاهرات او التحرك في الشارع ليس التحرك الاول على الارض، للتيار باع طويل في هذا المجال وليس عصيا على من تظاهر ضدّ الاحتلال السوري وظلم الاجهزة الامنية في السابق ان ينظم تحركا اعتراضيا على تهميشه في مجلس الوزراء واداء الحكومة، فقرار معراب يبدو ميّالا الى عدم النزول الى الشارع والتيار المتحالف مسيحيا مع معراب بقوة لا يربط نزوله الى الشارع باستعداد حليفه المسيحي لمساندته او بدعم من حليفه الشيعي.

فالموقف السياسي من معراب ومن حارة حريك هو الاكثر عبرة في هذا السياق تقول المصادر، فالقوات سلّفت عون تأييدا غير مسبوق من جهة مسيحية فاعلة في الاستحقاق الرئاسي، وحزب الله الذي يخوض معارك قتالية على جبهات عدة في سوريا ولبنان ماض في معركة ترشيح عون ووصوله الى قصر بعبدا.. وبالتالي، فإن الموقف السياسي هو الاهم فعدم مشاركة القوات في الشارع اذا حصلت التظاهرات لا تعني ان تفاهم معراب في خطر، في حين يكفي امتناع حزب الله ومقاطعته جلسة الحكومة والمواقف الصادرة عن قيادة الضاحية للدلالة على ان ورقة التفاهم في امان واقوى من غدر الزمن.

في كل الاحوال يحرص العونيون على التأكيد بأن خطاب التيار هو وطني بامتياز، فالتيار كان يخوض في قضايا ذات طابع وطني فالسيادة مطلب كل اللبنانيين لكنه اليوم يرى ان ثمة استهدافاً ممنهجاً للمسيحيين وهو يطالب بالشراكة لتصحيح الخلل فالطائف لم يتم تطبيقه بسبب غياب المكوّن المسيحي عنه وعدم اعتراف الشريك المسلم والتيار وقف مع الشريك المسلم في العام 2006 مع الطائفة الشيعية عندما خرج وزراؤها من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، اما رفع مستوى الخطاب المسيحي فلأن الابواب سدّت بالكامل، بالتمادي والمماطلة باقرار الحقوق، وتختم الاوساط «اعطينا فرص كثيرة واليوم نرفع شعار الميثاقية ولن نتراجع عنه».