بدأت الخطوات البلدية والرسمية لوضع الإصبع على الجرح والبدء بمعالجة حقيقية ورادعة لمجزرة تلوّث ​نهر الليطاني​، وذلك من خلال القرار الذي اتخذته النيابة العامة بإقفال كافة المرامل، وصولاً إلى إصدار وزير الصحة لائحة بعدد من المصانع والدباغات ومعامل الأجبان والألبان التي تتسبب بهذا التلوث من خلال تحويل بقايا مصانعها إلى مجرى النهر.

وعلمت "النشرة" أنّ النائب العام المالي القاضي ​علي ابراهيم​ أعطى مهلة شهر للبلديات التي تحول مياهها الآسنة إلى مجرى النهر لتعود عن مجزرتها بحق البيئة، وإلا فإنّها سوف تُحال بالأسماء أمام النيابة العامة للتحقيق معها وتحميلها كامل المسؤولية عن تلويثها، ومن ثمّ إلزامها بالمساهمة بعملية تنظيفه وعلى حسابها.

وفي حين تفاوتت استجابة البلديات مع القرار المذكور، أوضح عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​علي فياض​، في حديث لـ"النشرة"، أنّ اتفاقاً تمّ بين حزب الله وحركة أمل ورؤساء البلديات والاتحادات البلدية والاندية والجمعيات الكشفية والهيئات الصحية والدفاع المدني والوزرات الرسمية على تحديد اوائل شهر تشرين الأول المقبل يوما وطنيا لحماية نهر الليطاني من التلوث من خلال مجموعة أنشطة، على أن يسبقه لقاء عام لكل بلديات حوض الليطاني المعنية للتداول بمجموعة أفكار، والطلب منها اتخاذ اجراءات بخصوص المجاري الصحية المفتوحة على النهر، اضافة لحملة نظافة كبيرة ستطال القسم الاكبر من المجرى لتنظيفه، ونشاطات اخرى مواكبة لاطلاق الحملة الوطنية لحماية حوض الليطاني من النبع الى المصب.

وأكد النائب فياض أنّ الطموح هو أن تكون هذه الحملة جدية ومتواصلة، لافتاً إلى أنّها تقوم بالتحرك على مستويات عديدة، قانونية ورسمية وبلدية وأهلية، وقال: "نحن ندرك صعوبة الامر وتعقيداته، لكن بالتعاون مع كل البلديات المعنية بمجرى النهر سنسعى لان يكون هناك اجراءات تخفف من حدة المشكلة وترفع مستوى وعي الاهالي بالتعاطي مع موضوع التلوث"، وشدّد على انه ما لم يطبق اقتراح القانون الموجود في أدراج المجلس النيابي الذي يقوم على انشاء عدد كبير من محطات تكرير مياه الصرف الصحي وتعطيل مصادر التلوث للنهر، فإنّ المشكلة ستبقى قائمة بل قد تتفاقم، وستكون الجدوى معدومة من الاستفادة من القناة " 800" ما لم يكن هناك اقفال لمصادر التلوث التي تصب في بحيرة القرعون.

وردا على سؤال عن وجود خطوات رادعة للبلديات التي تحول مجاريها الصحية الى نهر الليطاني، قال النائب فياض: "أولاً سنسعى لاقفال المجاري الصحية للبلديات والمنتزهات التي تصب في النهر، وسوف تكون هناك مجموعة اتصالات واجراءات وضغوطات، وهناك مجموعة خطوات لم تتبلور بعد".

وفي سياق متصل، كشف مسؤول الشؤون البلدية والاختيارية لحركة أمل محمد عواضة لـ"النشرة" عن التحضير ليوم وطني لرفع الصوت للحفاظ على حرمة نهر الليطاني تشارك فيه كل الهيئات المدنية والاهلية والاجتماعية والبلديات واتحادات البلديات، لافتاً إلى أنّ هذه الخطوات تتم بتوجيهات من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تناول هم تلوث الليطاني ومعضلته في ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر في صور، موضحاً أنّ هذه الحملة ستعمل على حماية حوض الليطاني من المنبع الى المصب ووقف تلويث النهر بشتى انواع التلوث من المرامل او البلديات التي تحول مجاري صرفها الصحي الى النهر او المنتزهات التي تحول مياهها الاسنة الى النهر.

وإذ أكد عواضة أنّه سيكون هناك خطوات رادعة بحق المخالفين من خلال القانون والنيابة العامة التي ستتحرك لوقف المعتدين مهما علا شأنهم، شدّد على أنّ القضية وطنية بامتياز وليست مسألة مذهبية او طائفية تخص حزبا او حركة، مذكّراً بأنّ الإمام الصدر كان أول من أثارها عندما دعا الدولة لحماية الليطاني من المطامع الاسرائيلية، وهو الذي دعا لانشاء مشروع الليطاني وجر مياهه ليستفيد منه ابناء بيروت قبل ابناء الجنوب.

ولفت عواضة إلى أنّ التنسيق قائم مع مختلف الوزارات المعنية بالليطاني حيث ستتمّ دعوتهم للمشاركة في اليوم الوطني، كما أنّ مركز البحوث العلمية معنيٌ أيضاً بهذا النشاط وبفحص مياه النهر في مختبراته واقتراح الحلول اللازمة، متحدّثاً عن تعاون أيضاً مع اتحادات البلديات والبلديات من أجل دراسة التنسيق مع الاجهزة المعنية لردع البلديات التي تحول مجاري صرفها الصحي الى مجرى النهر، او حتى المرامل لوقف عملها لانها تسبب تلوث النهر، وسيكون هناك توعية وتوجيه لاصحاب الاستراحات على ضفاف الليطاني وللبلديات للقيام بمهامها لردع المخالفات.

وأكد عواضة أنّ هذه الحملة ستكون أوسع وأشمال من الحملات الفردية السابقة، لافتاً إلى أنّ الهدف منها حماية حوض الليطاني، ومشيراً إلى أنّ الشقين الثقافي والتربوي حاضران في أجندة هذه الحملة، كاشفاً أنّ المدارس ستشارك فيها أيضاً مع الجمعيات الكشفية. وإذ أقرّ بأنّ الحلول قد تكون أكبر من إمكانيات البلديات والاتحادات البلدية، طالب الدولة بالقيام بدورها في هذا الموضوع، لافتاً في هذ السياق إلى وجود اقتراح قانون منذ 3 سنوات ولم تجرِ متابعته بسبب عدم اجتماع المجلس النيابي وسيؤخذ بعين الاعتبار ان يكون من ضمن تشريع الضرورة لانه يساعد على وقف تلوث نهر الليطاني والحفاظ عليه.

ويبقى الأمل بأن تبدأ فعلاً مداواة الليطاني بشكل صحيح، لأنّه يحتاج إلى عملية جراحية حتى يعود متنفساً لكلّ اللبنانيين، ويضجّ بأمل اللبنانيين وتوقهم إلى وطن مستقرّ ومعافى...