لا تعليق، لا تصريح، صمت مطبق يسيطر على «دارة آل جنبلاط» في المختارة التي خبرت حقبة كبيرة من الاغتيالات لقياداتها من بشير جنبلاط وصولاً الى الشهيد كمال جنبلاط في حين ان نجل الاخير النائب ​وليد جنبلاط​ تعرض عدة مرات لمحاولات الاغتيال الذي يشكل الهاجس الاكبر له، وهو ليس مجرد قلق متوارث انما حقيقة تتكشف في كل مرة خيوطها، وما القرار الاتهامي الذي صدر بحق من كان يعتبر الذراع العسكري للحزب التقدمي الاشتراكي في قلب بيروت والمعروف «ب​الكاوبوي​» الا جزء من سلسلة مسلسل ما زال كاتب حلقاته على اصراره لانهائه بخاتمة مأساوية.

هكذا وصف سياسي مخضرم مجريات الاحداث اللبنانية ومنها ما جرى في ما كان يسمى بيروت الغربية حيث دارت معارك مريرة ضمن الصف الواحد وهو امر انسحب ايضاً على بيروت الشرقية ضمن الاحزاب المسيحية نفسها وفي اكثر الاحيان ضمن الحزب الواحد حيث كانت تتوالى ما سمي بالانتفاضات ولم يتعظ اللبنانيين من هذه الحروب وسلموا امرهم الى المؤسسة العسكرية المتمثلة بالجيش اللبناني وغيرها من المؤسسات الامنية التي تحارب الارهاب الذي تسلل الى لبنان.

يوسف فخر او «الكاوبوي» الذي حصل على لقبه يوم اقتحامه مع عناصره ثكنة بحمدون حيث وجد «برنيطة كاوبوي» فاعتمرها. وفي تلك اللحظة شاهده احد عناصر وتوجه اليه قائلاً: «الكاوبوي» ومنذ ذلك الوقت حمل اللقب.

لم يكن «الكاوبوي» «القبضاي» الوحيد في زمن الميليشيات، فلكل ميليشيا رجالاتها، يقول السياسي المخضرم، التي كانت ترعب اللبنانيين في ظل انهيار مؤسسات الدولة، ولكن يوسف فخر عاش «مجداً»، خلال الثمانينات عندما كانت السيطرة للحزب التقدمي الاشتراكي حيث امتد نفوذه من جل البحر (عين المريسة) صعوداً باتجاه «الرملة البيضاء» الحمراء، في حين ان منطقة بربور ومحيطها كانت تخضع لسيطرة «حركة امل».

«الكاوبوي» كان يشكل مع عصام العينترازي الملقب «بابو سعيد» والمصري جمال كراره المعروف «بابو هيثم» الثلاثي القابض على كل المفاصل في تلك المنطقة لا سيما لناحية ما يسمى «الخوات» التي كانوا يفرضونها على اصحاب المطاعم والكازينوهات والملاهي الليلية التي كانت تعمل بشكل مخالف.

ويتابع السياسي ان التداخل الاقليمي وصل آنذاك الى صراع «زواريب» بين ابناء الصف الواحد ولم يكن بالامكان تحديد من هو على صواب او على خطأ بل من يحافظ على وجوده ويتسلم زمام الامور.

ويعود المصدر بالذاكرة الى ما ورد على لسان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في حديثه عن تلك الذكريات المؤلمة والتي اوصلتهم الى ما عرف «بحرب العلمين» بين الحزب الاشتراكي وبين «حركة امل» والتي كانت نتيجة للقتال الذي حصل بين «الاشتراكي والمرابطون» حيث حاول جاهداً احتواء الوضع، وعدم الوقوف الى جانب اي طرف وهذا الموقف ادى لاحقاً الى معارك متعددة بين «امل» و«المرابطون» وبينها و«الحزب الاشتراكي».

ويرى المصدر ان صفحات الحرب اللبنانية امتلأت باسماء عديدة لمعت في عالم الميليشيات اليسارية واليمينية ومنهم «ابو الظلام» «الهدف»، «ابو بكر»، «ابو شمران»، «ابو خشبة»، و«ابو سيف» مسؤول حركة فتح في الشياح وكانوا جميعهم في خندق واحد، البعثي العراقي، الاشتراكي، الفلسطيني، الشيوعي، والمنضوين في حركة امل وغيرهم.

وعندما دقت ساعة الحسم يضيف المصدر كان لا بد من الانصياع الى الارادة السورية التي اعتبرت ان بقاء امثال «الكاوبوي» وغيره على الساحة قد يقلب الامور على النظام السوري لادخال ياسر عرفات الى بيروت مرة اخرى.

لذا قام زعيم الاشتراكي عام 87 بتسليم عدداً منهم وبينهم «ابو هيثم» الذي حاول اغتياله بعدما ارسل له قلماً متفجراً كهدية لكنه قطع يد مرافق «ابو تيمور» جمال عمار ولم يتمكن من قطع انفاس زعيم المختارة، لكن «ابو هيثم» عاد الى لبنان في عهد رئاسة اميل لحود.

اما يوسف فخر الذي اكد في حديث تلفزيوني ( لقناة الجديد) من مكان اقامته في الولايات المتحدة الاميركية انه يعمل في العقارات وهو مضى على وجوده هناك 23 سنة، وهو اعتبر نفسه من المناضلين ولا يمكن الاخذ بما حصل في الفترة الاخيرة قبل سفره لانها فرضت عليهم فخاضوا حرب شوارع، وهو ليس بنادم وما قام به استفاد منه غيره وبتعبير آخر «نحن زرعنا وغيرنا حصد» انطلاقا من فحوى كلام فخر يتساءل المصدر ان كانت مشاركة الاخير في مخطط اغتيال جنبلاط هو فقط من نوع الثأر الشخصي ام ان الامر كما ورد على لسان خضر الغضبان احد مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي من خلال المنشور الذي كتبه على صفحته على موقع «فايسبوك»: «عبثاً تحاول اسرائيل من خلال عملائها اختراق حصون العرب المسلمين الموحدين»، او «مصالح حفنة من العملاء المأجورين في فلسطين او سوريا او لبنان»، كما ان الغضبان قد عدد جملة من العوامل التي تقف خلف سعي اسرائيل للتخلص من جنبلاط في حديث «للعرب» منها رغبتها في تعميم مشهد الفوضى والانقسامات في المنطقة ومحاولتها تحويل الطائفة الدرزية الى حرس حدود لها.