عجيب امركم، يا حكّام بلادي، لا بل الاعجب والاغرب، قبولك بهم، يا شعبنا الكريم، فلطالما ناديتم بالعناوين الزائفة، وخضتم المغامرات الكاذبة بشعاراتكم الرنّانة التى تحرّك الغرائز الطائفية والمذهبية والمالية بشيكات بلا رصيد لا بل شيكات مسروقة ومزوّرة يجب اعدام موقّعها لقطع ارثه الفاسد.

احزابكم وتياراتكم وحركاتكم شركات خاصة تدير غالبيتها العائلة او احد المقرّبين اليها الذي يمثّل دور اللاّعب الاساسي.

اخوتكم، اولادكم، احفادكم مغتصبو سلطة متوارثة، علناً يختلفون، وسرّاً يتقاسمون.

من ثم يتنازعونها من اجل تكديس اموالنا المسروقة والمخزونة في المصارف الخارجية. من اجل استعمال بعض منها في المعارك الانتخابية الفلكلورية المحسومة سلفاً وهكذا دواليك تستمر مسرحيتكم الى ما لا نهاية.

يغيب الاب فياتي الصهر (الابن) ممتطياً ارثا نضالياً، ارثاً قيمته غالية من حرب وتدمير، من قتل وتهجير، من استشهاد وسجن وعذاب، من استخفاف واستهزاء بالعقول، ارثاً لم يحلم به يوما عمه (ابوه).

انه لارث مجبول بدم الشهداء، وبدمع الامهات اللواتي ما زلن ينتظرن اكبادهن على امل اللقاء.

فيا ايها الزويعم المغترّ، اعلم ان ارث النضال لا يورّث كما الكنيسة لا تدنّس. وارث النضال ملك اليتامى فتجنبه خاشعا لتحيا بسلام.

وبربّكم ايها الزعماء العشائريون، اخلعوا عنكم اقنعة الكذب، فزعيم العشيرة محترم لدى جماعته ولدى الآخرين، ويفي بوعوده، ولو على قطع رأسه. اخلعوا اقنعة التمدّن الزّائف، فانتم اشبه بزويعمي عشائر، لكن بلباس متمدن، وبعدّة جاهزة لاقتناص الفرص. وسرقة طموح اهل العشيرة واموالهم وممتلكاتهم، فمسرحيتكم باتت معروفة وابطالها كذلك، واحفادها ايضاً لكن الجمهور بدأ يشمئز، وملّ المشاهد المتكررة الرتيبة، واصبح بحاجة ماسة لتغيير جذري يخلّصه من ذلك الدور المشؤوم وممثليه الخداعين، وهو ينتظر ساعة الصّفر.

انتم تدّعون الديمقراطية والحريّة، والعدالة والمساواة فعن اي ديمقراطية تتحدثون؟ ديمقراطية الرئاسة؟ فالرئيس المفروض مسيّر لا سلطة بيده، عار من الصلاحيات حاكم على قصر وخدام، ينتظر التعليمات ليقوم بتنفيذ الاوامر.

اما ديمقراطية النيابة فاسعارها معروفة وقد خبرناها لسنين عدة فالزعيم يسعّر، والسمسار يشحد، وفي النهاية لا يصرف الا القليل مما قبض والعائلة تستفيد. وتاتي المحاسبة على ظهر المناضلين.

اما ديمقراطية الاحزاب والتيارات فخبّر عنها ولا حرج، فيا ليت الدول الاوروبية والعالمية تتمثل معتمدة انظمة احزابنا الديمفلكلورية و التهريجية.

فرئيس الحزب مسمّر مدى حياته على عرشه، انه الحاكم الناهي بامره، يختار المختار، والبلدية والقائم مقام والمدير والمحافظ والنائب والوزير...

انه انشتاين العصور! انه المفكر الرؤيوي، انه المدمر والسلطوي! هو الملهم والعبقري، وهو الزعيم الدموي!

فبربّكم، يا مغتصبي سلطتنا، ارحموا شعبنا، ودعونا نعيش بسلام وامان ولا نتنشّق روائحكم الكريهة وسمسراتكم المفضوحة.

ودعونا نحلم بالتخلص من اوبائكم ومن خداعكم، فكلّكم غيارى علينا وعلى اولادنا، وكلكم كاذبون الا القليل النادر منكم.

وانتم غيارى على الدين العام المنهوب، والمودع لديكم، والمفروض علينا تسديده لتعيشوا في قصوركم وتسافروا في طائراتكم، وتشبعوا رغباتكم، ومن ثم تعودون الى الوطن معززين مكرمين لممارسة عملكم اليومي المضني، وبالعدة ذاتها، وبالعقلية العشائرية نفسها التي ابقتكم على عروشكم الى ما لا نهاية.

فيا شعبنا الكريم انت بكل هذه المسرحيات عليم، وقد شاهدتها وخبرتها مدة طويلة من الزمن، فالقرار قرارك، فان كنت راضياً فصفّق، وهرّج الى يوم نهايتك وان كنت رافضاً فما عليك الا السعي للتغيير والاصلاح الحقيقيين، بدءا بتغيير زعمائك وجئ باشخاص يمثلون رؤيتك وطروحك، وغير مرتهنين وازلام عند الخارج...

واعلم، يا شعبنا ان ديمقراطية التوريث ومخلفاتها عبر السنين سرطان فتّاك يقضي على صاحبه، وهي اكثر فتكا وسوءا من اي ارهاب نُصري او داعشي.