لا يزال المشهد الرئاسي في لبنان "ضبابيا"، فرغم كل التسريبات التي تؤكد أن رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ بات قوب قوسين من تبني ترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون للرئاسة، جاء بيان كتلة "المستقبل" خالياً من هذا المضمون ما يعني أن مسألة "التبني" لا تزال تحتاج بعض الوقت و"طبخة" الرئاسة ليست قريبة النضوج.

"عندما بدأ الحريري مشاوراته لم يلتزم بمدّة زمنية محددة ليعلن ترشيح عون، لا بل أوحى أنه يحتاج الى وقت ليستكمل مشاوراته وليستطيع أن يقنع اعضاء كتلته والشارع السني بهذا الطرح من هنا كان متوقعاً أن يكون بيان "المستقبل" على الشكل الذي جاء فيه". هذا ما يؤكده المحلل السياسي ​سركيس أبو زيد​، لافتاً عبر "النشرة" الى أن "هناك جواً تفاؤلياً في أوساط "التيار الوطني الحر" وربما مرده الى اتفاق سري يحكى عنه ونسجه وزير الخارجية جبران باسيل مع نادر الحريري مستشار سعد الحريري وهو يتضمن اتفاقات معينة لمرحلة ما بعد الرئاسة ولا أحد يعرف مضمونها". أما المحلل السياسي ​نبيل بو منصف​ فرأى من "الطبيعي أن يأتي خطاب "المستقبل" على هذا الشكل، ولم يكن متوقعاً أن يكون غير ذلك إذ إن مسعى الحريري في ترشيح عون لم ينضج بعد ولا هو اتخذ قراره النهائي في هذا الخصوص".

يلفت بو منصف الى أن "الحريري ولدى لقائه المسؤولين الروس سمع كلاماً واضحاً بأن همّهم يتركّز على معالجة الحرب الدائرة في سوريا، وليس كيفية اتمام الاستحقاق الرئاسي في لبنان، كذلك السعودية لم تعطهِ الضوء الأخضر فيما خص سيره بترشيح عون"، مضيفاً: "يبقى إيران وهي بدورها لا تريد إتمام هذا الاستحقاق في لبنان، فلا يكفي أن يؤكد مساعد وزير خارجية ايران أمير عبد اللهيان أن بلاده مع عون في الرئاسة بل يجب أن تدفع بـ"حزب الله" ليمارس مزيدا من الضغط في هذا الشأن لو فعلا أرادوا اتمام الاستحقاق".

من ينظر الى الساحة السياسية في هذه الأيام يرى مدى إختلافها عن الفترات السابقة التي انتهج فيها عون الخطاب التصعيدي، فبالأمس شارك وزير التربية الياس بو صعب في جلسة الحكومة وكانت الرسالة واضحة: "مشاركتنا هي ترجمة للجو الإيجابي السائد في هذه الأيام" فكانت المفاجأة بصدور تعيينين في مجلس الوزراء الأول يتعلّق برئيس للجامعة اللبنانية والثاني بمدير عام لوزارة الشؤون الاجتماعية وكلاهما محسوبين على الطائفة الشيعية وعلى رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديداً. وفي هذا السياق يعتبر بو منصف أنها "ليست نصف عودة الى الحكومة بل عودة كاملة وهي تأتي ترجمة للجو الايجابي السائد في هذه الأيام". أما بو زيد فيرى أن "عون ليس ساذجاً ليقدّم التنازلات سدًى، وهو ربما مستند الى الاتفاق السري الذي يحكى عنه والذي نسجه باسيل ونادر الحريري، من هنا هو مطمئن الى أنه سيصل الى الرئاسة وبالتالي بدأ يقدّم التنازلات لكل الأطراف، ومنها الاعتراف بشرعية المجلس النيابي، وتمرير تعيينات ليسرّع الاتفاق مع بري ويعمم الجو التفاؤلي على كل الاطراف".

بدأ عون خطوة الألف ميل مع بري بموازاة عمله على الخط الرئاسي، في وقت يستكمل فيه الحريري مشاوراته في هذا الشأن، ليبقى السؤال: "هل هناك من جدّية في المسعى لانتخاب عون أم ستمرّ جلسة 31 تشرين الأول كسابقاتها ليبقى "الجنرال" كما في السابق "عالوعد يا كمّون"؟!".