يبدو ان الحراك الذي قام به الرئيس سعد الحريري حتى الان لم يصل بعد الى درجة حسم قراره بتأييد العماد عون حتى داخل بيت المستقبل، بدليل ان بيان كتلته النيابيه تجنب الاشاره الى العماد ميشال عون او الكلام عن الترشيحات الرئاسية، واكتفى بالحديث عن الالتزام بالدستور.

ووفقا لمعلومات شبه مؤكدة فإن الجولة الاولى من حراك الحريري اكان في الداخل او الخارج لم تسفر عن نتائج ايجابية حاسمة، لا بل ان السعودية لم تعط جوابا مشجعا يجعله يحسم قراره او يغامر بالتسرع في اعلان ترشيحه للعماد عون مفضلا اجراء المزيد من المشاورات والمفاوضات.

وتقول مصادر مطلعة ان الحريري يفضل اجراء المزيد من المفاوضات مع عون عبر مدير مكتبه ابن عمته نادر الذي سيعقد اجتماعات لهذه الغاية مع الوزير جبران باسيل في الايام المقبلة.

وحسب المعلومات ايضا فان المعارضة داخل تياره تمارس ضغوطا قوية مستفيدة من غياب الدعم الجدي والمباشر من المملكة السعودية. ويقود الرئيس فؤاد السنيورة هذه المعارضة بطريقة حرفية على حد تعبير مصدر داخل تيار المستقبل، مستفيدا ايضا من المزاج السني بشكل عام والخصم المتشدد اللواء اشرف ريفي الذي اختار توقيت مقابلته التلفزيونية ليشوش على تحرك الحريري.

من جهة اخرى تقول المعلومات ان المفاوضات لم تستكمل اصلا بين الحريري وعون، وان قبول الجنرال ان يكون الحريري رئيس الحكومة في العهد الجديد ليس كافيا، فهناك مطالب اخرى لرئيس المستقبل تتعلق ببعض الوزارات والتوجهات المتعلقة بالسياسة الخارجية خصوصا ان التجربة مع باسيل سادتها توترات كثيرة واغضبت السعودية.

وترى مصادر متابعة ان ورقة التفاهم بين الطرفين لم تنجز، مع العلم ان هذه الورقة غير كافية لحسم الخيار الرئاسي، اذ ان هناك اطرافا اخرى على الضفتين لا يمكن تجاهلهم اوتجاوزهم لأنهم جزء من التفاهم الاكبر. فالاتفاق الثنائي بين الطرفين لا ينتج رئيسا بكل الاحوال، ولا يوفر عناصر انتخاب الرئيس سياسيا او على صعيد تأمين نصاب جلسة الانتخاب، وهذا الامر يدركه الحريري وعون ويأخذانه بعين الاعتبار. كما ان الموضوعية تقضي بأن يكون التوافق شاملا وإلاّ فإن اي اتفاق ثنائي او ثلاثي محكوم بالفشل.

ومما لا شك فيه ان العقبة الاساسية التي تواجه الحريري هي انه لم يضمن اتفاقا آمنا حتى الآن يرضي به الرياض التي تتركه امام امتحان صعب وتفضل اعطاء الكلمة النهائية في ضوء ما سيعرضه الحريري نتيجة المفاوضات مع عون وباقي الاطراف.

ويبدو ايضا ان التطورات المتسارعة في سوريا وما يرافقها من تأزم دولي واقليمي تؤدي دورا سلبيا ما يجعل الحريري في وضع دقيق يجبره على التريث والتروي لان اي دعسة ناقصة سترتد عليه على كل الصعد وبالتالي يصبح كمن حاول ان يكحلها فعماها.

وفي المقلب الاخر يدرك العماد عون ان استهلاك المزيد من الوقت ليس لمصلحته، لان الزخم الذي يواكب الحراك اليوم سيتلاشى تدريجيا وتعود العقد الى البروز مجددا، لذلك يريد الجنرال ان يقطفها باكرا قبل فوات الاوان.

وبعد موجة التفاؤل التي روجها البعض في الايام القليلة الماضية، تنقل مصادر مطلعة ان الاجواء الحقيقية لا تؤشر الى قرب الوصول الى نتائج ايجابية ملموسة وان الحريري يفضل التريث في اتخاذ اي موقف بخصوص ترشيح عون، خصوصا في ضوء الكلام عن زيارة ثانية ينوي القيام بها للمملكة العربية السعودية قريبا.

وتقول المصادر ان الرياض غير مستعجلة لإعطائه أي اشارة، فهي لم تعطه اصلا الضوء الاخضر الصريح للقيام بتحركه الرئاسي ولم تشعل بوجهه الضوء الاحمر، وفضلت الاكتفاء بالضوء الأصفر الذي يصحّ للفرملة وللانطلاق.

وفي رأي المصادر ان المعطيات الراهنة لا تؤشر الى امكانية بلورة الاتفاق المقبول قبل نهاية الشهر الجاري، ما يعني ان الجلسة المقررة في هذا الموعد لانتخاب رئيس الجمهورية لن تختلف عن سابقاتها.

وبانتظار بروز معطيات جديدة، ترى مراجع سياسي بارزة انه بغض النظر عن الاشخاص فإن توفير الفرصة الحقيقية لانتخاب رئيس الجمهورية يحتاج الى تحقيق التوافق الذي يؤمن انتظام جلسة الانتخاب، والى تأمين التفاهمات التي تسهل مسيرة الرئيس ولا تكبل العهد الجديد بل تساعده على انطلاقة سلسة ومنتجة.