أكثر من أسبوعين يفصلان لبنان عن جلسة 31 تشرين الأول لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط توقعات بأن تكون شبيهة بسلفها من جلسات الانتخاب. ورغم الحركة السياسية التي شهدها لبنان مع عودة رئيس تيار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ إلى لبنان وارتفاع منسوب التفاؤل باغلاق ملف الشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من سنتين، عاد هذا التفاؤل لينخفض تدريجياً بعد خطابات عدد من قيادات قوى الثامن من آذار والتي أعادت خلط الأوراق.

ففيما انتظر الجميع اعلان الحريري ترشيحه رسمياً لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، جاء خطاب رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ ليوقف هذه التوقعات، ويعلن مجدداً معادلة أن "الأقوى لا يمكنه أن ينسحب من أجل الأضعف"، وأنه مستمر في ترشيحه لرئاسة الجمهورية ولو بقي معه نائب واحد.

ومن جهة أخرى، رأى الكثيرون أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد أبعد عون عن قصر بعبدا، خصوصاً بعد استمراره في مهاجمة السعودية، وبعد دعوته المبطنة لرئيس مجلس النواب نبيه بري وعون وفرنجية للتحاور للوصول إلى نتائج رئاسية إيجابية.

فأين أصبح ملف رئاسة الجمهورية بعد كلام فرنجية وخطاب نصرالله، وهل بات عون قريباً من قصر بعبدا؟

يرى الصحافي ​ابراهيم بيرم​، في حديث مع "النشرة"، أن "ما يؤخر وصول عون إلى رئاسة الجمهورية هو اعلان الحريري لدعم ترشيحه ولا يوجد أي شيء آخر يؤخر هذا الوصول"، مشددا على أن "الكلمة الفصل حالياً في ملف رئاسة الجمهورية هي عند الحريري فقط".

وإذ يعتبر أن "الوقت الذي يمكن أن يصبر عون فيه على الحريري حتى اعلانه دعم ترشيح عون هو اسبوعان لا أكثر"، يؤكد أنه "مهما فعل بري سيبقى الحريري هو المسيطر على ملف رئاسة الجمهورية".

من جهته، يعتبر المحلل السياسي عادل يمّين أن "كلام فرنجية لا يمثل كلام الأفرقاء المعوّل عليهم لتحقيق الانجاز الرئاسي وكلامه من عين التينة لا يعني تراجع حظوظ عون الرئاسية". ويرفض يمّين الغوص في "تحليل نوايا" رئيس مجلس النواب، معتبراً أن "الثابت عند بري أنه الداعم الأبرز للتفاهمات وللوصول إلى حل لرئاسة الجمهورية كما أن الثابت هو أن بري لم يعلن موقفه الواضح من رئاسة الجمهورية"، مذكراً بأن "مستشار بري الاعلامي علي حمدان أعلن أن بري لن يكون عائقاً أمام وصول عون".

وبما يخص خطاب نصرالله، يؤكد يمّين أن "النزاع بين حزب الله والسعودية ليس جديداً وبالتالي لا يمكن ربط الهجوم على السعودية بملف الرئاسة"، مضيفاً "كلام نصرالله يتحمل هو مسؤوليته ولا يمكن تحميل عون مسؤولية خطابات أمين عام حزب الله فمن المعروف أن هناك تباينات في بعض المواقف بين الجانبين".

بدوره، يوضح بيرم أن "نصرالله لن يوقف هجماته على السعودية من أجل ملف رئاسة الجمهورية في لبنان وكان منتظراً هذا الهجوم"، مكرراً تشديده على ان "كل الأمور الحاصلة اليوم هي محاولة من الحريري للبننة الاستحقاق الرئاسي من أجل الوصول إلى رئاسة الحكومة".

في كل يوم جديد تختلط أوراق رئاسة الجمهورية، وتصعب التوقعات عن ساكن قصر بعبدا الجديد. وبعد انتقال كرة الحلول من ملعب إلى آخر دون تسجيل أي أهداف حقيقية، تبقى الأنظار موجهة إلى نهاية هذا الشهر لمعرفة مصير رئاسة الجمهورية.