أكثر من سنتين على الفراغ الرئاسي في القصر الجمهورية، والبلد يتخبّط في المجهول في ظلّ عدم تمكن مختلف الأفرقاء من إنتخاب رئيس. منذ اللحظة الأولى لإنتهاء عهد رئيس الجمهورية السابق ​ميشال سليمان​، كان موقف رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون واضحاً، "لن نقبل أن يصل الى بعبدا إلا الرئيس القوي شعبياً". هذا الموقف جاراه فيه حليفه الأساسي "حزب الله" الذي لا يزال يكرّر أن مرشحه الأساس للرئاسة إسمه ميشال عون.

يختلف المشهد في هذه الأيام عن السنوات السابقة، فرغم أن "التيار الوطني الحر" إحتفل بذكرى 13 تشرين الاول 1990 العام الماضي على طريق قصر بعبدا ويستعدّ لتكرار المشهد نفسه هذا العام، إلا أن الظروف إختلفت، فالرجل الثمانيني لا يحمل في جيبه حتى الساعة فقط مفتاح الرئاسة الأولى، بل هو يسعى الى تعبيد الطريق اليها بتفاهمات مع مختلف الأفرقاء.

"يكون الميثاق أو لا يكون لبنان"، هذا هو عنوان التظاهرة التي ينوي "التيار الوطني الحر" تنظيمها إحياء لذكرى 13 تشرين الاول 1990 على طريق قصر بعبدا في 16 تشرين الاول. من يراقب الحركة السياسية والتصعيد الذي انتهجه عون قبل بدء رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ مشاوراته ومن ثم المهادنة يظنّ أن الذكرى ستقتصر على مشاركة رمزية لبعض انصار "التيار". إلا أنه وبحسب مصادر مطلعة عبر "النشرة" إن "التحضيرات جارية على قدم وساق، ومكاتب الأقضية ومكاتب الهيئات تشبه في هذه الأوقات خلية عمل لا تهدأ لحث المؤيدين والمناصرين على المشاركة".

تبقى العين على الخطاب الذي سيلقيه رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح"، وهنا يرى المحلل السياسي ​أسعد بشارة​ أن "عون سيكون مهادناً ولكنه وفي نفس الوقت سيطرح احتمالات ماذا بعد لو لم يتم إنتخابه رئيساً"، لافتاً الى أن "الرسالة من خطابه ومن الحشود التي ستحضر أنه لن يكون هناك إنتخابات رئاسة إلا إذا كان هو الرئيس نظرا لكونه الأقوى مسيحياً حسب ما يعتبر، وإستعادة حقوق المسيحيين تمر عبر إنتخابه رئيساً"، فيما يرى المحلل السياسي ​سركيس أبو زيد​ أن "لا أحد يمكنه أن يتكهّن أو يتوقع الأسلوب الذي سيعتمده عون الأحد نظرا لكونه في وضع حساس ودقيق نتيجة إنتظاره جواب الحريري وإعلانه تأييده للترشيح"، مشيراً الى أن "خطابه سيأتي على وقع موقف الحريري المرتقب خصوصا وأنه ينتظر جواباً منه، وكل التوقعات كانت تشير الى أنه سيحصل عليه قبل التظاهرة ولكن الامر لم يحصل"، مشدداً على أن "الإنتظار سيحرج عون لأنه يحتار في أمره راهنا حيال المهادنة او التصعيد".

عون ينتظر موقف الحريري، هذا ما يؤكده أبو زيد، لافتاً الى أن "من يريد التمعّن في الموضوع فليعد الى خطاب أمين عام تيار "المستقبل" ​أحمد الحريري​ والذي أشار الى أن رئيس تيّار "المستقبل" لا زال في مرحلة المشاورات وجس النبض، ما يعني أنها لم ترتقِ الى مستوى المبادرة". أما بشارة فيرى أنه "وفي حال أعلن الحريري الترشيح فإن الكرة ستنتقل الى ملعب حزب الله"، مشيرا الى أننا "نكون أصبحنا في المربع الأخير، وعندها سيكون السؤال المطروح هل سيخطو الحزب خطوته لجمعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري وبرئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ وحلّ الخلاف القائم".

في المحصلة سيلاقي العونيون عمادهم الأحد المقبل على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، هناك سيطلق جملة رسائل من المتوقّع أن تكون بحجم المناسبة، ليبقى السؤال: "هل سيتلقفها المعنيون؟ أم أن أمد الفراغ لا يزال طويلاً؟!"