بالمبدأ ختم رئيس تيار المستقبل ​سعد الحريري​ المواقف الاساسية للافرقاء في البلد قبل جلسة انتخاب الرئيس في 31 الجاري، لا سيما وان رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون حسم الاكثرية لمصلحته بعد اعلان رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ خياره بدعم الجنرال للرئاسة اثر زيارة الاخير له في كليمنصو.

مقابلة الحريري كان لها جانبان، الاول الى جمهوره والثاني لما بعد الانتخابات الرئاسية بعد حسم موضوع الرئاسة في كتلة "المستقبل" قبل ساعات من اطلالته الاعلامية. وعليه شبه البعض خطابه بـ"البيان الوزاري" للعهد الجديد ومشروعه السياسي بعد ترؤسه الحكومة العتيدة. لكنّ الآراء تفاوتت حول ما إذا كان الحريري مقنعا برؤيته وخياراته السياسية التي اتخذها، حيث اعتبرها البعض "انتحارا" من اجل مصلحة البلد.

سياسة الاستسلام

المحلل السياسي ​إميل خوري​ اعتبر انه من المفترض ان يصل الحريري الى رئاسة الحكومة من دون اي معوقات وبالسهولة التي وصل بها عون الى رئاسة الجمهورية، والا يكون الحريري قد اخطا في خياراته، خاصة وان رئيس القوات سمير جعجع اعلن ان الحكومة ستتشكل خلال اسابيع، واذا حصل خلاف ذلك يعني اننا عدنا الى نفس دوامة "التعطيل".

ورأى خوري أنّ "كلام الحريري بالامس اختصر بأنه محاولة تبرير خياره انتخاب عون والقول انه اوصل الجنرال الى بعبدا بدل ايصال البلد الى الدمار"، وشدد على انه "من الخطأ اعتماد هذه السياسة لانه في المستقبل اي فريق قادر على التعطيل ينتهج هذه السياسية لايصال خياراته، وهذه سابقة خطيرة، لا سيما وان الحريري اعلن صراحة انه اضطر لانتخاب عون، معلنا رفضه هذا المبدأ، لانها سياسة الاستسلام للواقع، وهذه السياسة يجب ان نقبل بها استثنائيا وهناك خطورة ان تصبح واقعا، وقد قبل بها الحريري سابقا بعد اتفاق الدوحة".

في المقابل، أمل المحلل السياسي ​عبد السلام موسى​ ان تكون مرحلة التكليف والتاليف سريعة لان البلد لا يتحمل ترف تعطيل المؤسسات، واي تعطيل قد يطرأ على موضوع تأليف الحكومة لاحقا سيكون موجها ضد العهد الجديد والرئيس الجديد ميشال عون، خاصة ان كان من قبل فريق حزب الله، كما لو انهم يريدون ان يولد العهد ميتا، معتبراً ذلك رسالة كبيرة الى عون اولا والمسيحيين ثانيا، خصوصاً بعدما "تاجر حزب الله بحرصه على وصول "الرئيس الاقوى" تحت شعار الوقوف مع الارادة المسيحية، فإذا بالتطبيق يأتي معاكساً بحال عرقلة تأليف الحكومة".

ورأى ان "المرحلة تتطلب ان لا يكون هناك حكم على النوايا، وان يتعاطى الافرقاء مع بعضهم بنية صافية من أجل نقل البلد من مرحلة عانى فيها الى مرحلة جديدة لايحاد الحلول"، مشدّداً على انّ "العهد الجديد ملزم بإحترام المواعيد الدستورية، ومن الظلم الحكم على اي حكومة في فترة سريعة".

مرحلة جديدة

المحلل اميل خوري تعليقا على خطاب الحريري، سأل "هل اصبح انتخاب رئيس الجمهورية بالقوة؟ وهل نعطي مكافأة لمن يعطل البلد؟" ورأى انه كان يجب منع المعطلين من التعطيل بدل مكافأتهم، كما دعا لوضع حد لموضوع حضور النائب في جلسة انتخاب الرئيس ان كان الزامياً او لا، واكد انه ممنوع على النائب عدم حضور جلسة الانتخاب، ويجب الزامه بذلك لان ما حصل يشكل سابقة، وكان هناك سوابق سابقة للتعطيل الا انها لم تنفذ.

واعتبر ان الحريري لم يكن مقنعا في خطابه، وجمهوره في مكان وهو في مكان، لافتا الى ان رئيس "المستقبل" يضحي بنفسه ليأتي بخصمه"، واشار الى اننا اصبحنا "امام شعب يستسلم للواقع".

بالمقابل، أكد عبد السلام موسى اننا امام مرحلة نبحث فيها عن مساحات وطنية مشتركة لفتح صفحة جديدة، واي ثنائيات قد تنشأ على اساس اتفاق الطائف وحماية الدولة والنظام هي ثنائيات من اجل مصلحة البلد وليس من اجل الغاء احد، مشيراً إلى انّ هناك تفاهمات وليس ثنائيات، "ويجب عدم تصوير مبادرة الحريري على انها ولادة لثنائية جديدة بل ولادة لمرحلة جديدة على امل ان تسلم النوايا لوضع حد لمرحة التعطيل".

واكد موسى ان "ردود فعل جمهور المستقبل كانت مؤدية وداعمة لموقف الحريري"، وشدد على ان "جمهور المستقبل متفهم لكل المواقف التي اتخذها الحريري في الفترة الراهنة".

ما يفصلنا عن جلسة انتخابات الرئيس ساعات لا تتخطى الـ48، وبعدها تبدأ المرحلة الثانية من اتفاق عون-الحريري اي تشكيل اول حكومة في العهد الجديد، فهل سيبقى الحريري على قناعته بصوابية خياراته التي اتخذها ام انه سيراجع حساباته كثيرا، خصوصاً أنّ المرحلة القادمة للحريري تقع على طرفي نقيض "النصر او الندم"؟