لا تزال مسألة تشكيل الحكومة الحالية في المدّة الزمنية الطبيعة التي لم تتجاوز الشهر، وربما تكون من المرّات القليلة التي يتم فيها التشكيل في هذه السرعة رغم العقبات التي تعيق التأليف، والتي من المتوقّع أن تذلّل في الساعات أو الأيام المقبلة إذا لم يطرأ أي أمر مفاجئ، فيكون الإحتفال بعيد الإستقلال حاملاً معه هدية "حكومية" تعطي المزيد من الزخم للعهد الجديد وتعيد دوران عجلة المؤسسات بشكل كامل.

عقدة المردة!

ليلاً زار رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ رئيس الجمهورية ميشال عون لإطلاعه على ما آلت اليه المشاورات وربما على المسودة الحكومية التي لا تزال تواجهها عقبات عدّة وأبرزها عقدة حقيبة "المردة". وهنا وبحسب الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​ فإنه "وفي المشاورات أسندت حقيبة "التربية" الى "المردة" التي رفضت هذا الأمر وتطالب بحقيبة أساسية أخرى من نوع وازن"، لافتاً الى أن "رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ كان طالب بأن تكون وزارة الأشغال من حصته إلا أن هذه الحقيبة أسندت الى "​القوات اللبنانية​"، وهنا تكمن المشكلة". يشدّد منيّر أن "قوة مطالبة فرنجية تكمن في أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يفاوض بإسم الثنائي الشيعي وقد ربط مشاركته بالحكومة بحصول فرنجية على مطالبه، كذلك فإن الحريري حريص على مشاركة فرنجية بالحكومة". وفي السياق نفسه يشرح الكاتب والمحلل السياسي ​نبيل بو منصف​ أن "حلفاء فرنجية يطالبون له بالحقيبة الاساسية وتلك الحقائب وزعت على القوى الكبرى"، من هنا كان الكلام بحسب بو منصف أن "يعطي بري فرنجية من حصته إذا اراد ارضاءه خصوصاً وأن الثنائي المسيحي أي التيار والقوات كانوا متمسكين بأمور كثيرة وتنازلوا عنها لتسهيل التأليف".

عون يتنازل!

في المقابل تعتبر بقية العقبات ليست ذات أهمية بمشكلة حقيبة المردة، وأهمها دخول الكتائب في الحكومة وتسمية عون لوزير سني ووزير شيعي. إذ بحسب منير "لا يولي الرئيس عون مسألة دخول الكتائب في الحكومة أهمية كبرى وما يهمه في القضية أن يسير "حزب الله" والحريري في التشكيلة فتنتهي الأمور". أما بو منصف فيرى أن "عون لم يعد متمسكاً بنقطة تسميته للوزير السني والشيعي إذ يسعى الى ألا تكون مطالبه هي العقدة التي تقف في وجه التأليف السريع".

ربع الساعة الأخيرة!

يؤكد منيّر أن "مفاضات التأليف وصلت الى الشوط الأخير وهناك إحتمال كبير لإعلانها قبل عيد الإستقلال". أما بو منصف فيشير الى أن "الإتجاه حتى الساعة هو للبقاء على صيغة الأربع وعشرين وزيرا في التشكيلة الحكومية"، لافتاً الى أنه "تبقى أمور بسيطة بحاجة الى حلحلة وهي تمثيل الوزير السابق طلال ارسلان والحزب القومي وهذه المسألة ليست واضحة حتى الساعة"، لافتاً الى أنه "وإذا تعقدت فعندها قد يتم اللجوء الى صيغة الثلاثين وزيرا وهذا الحل ليس وارداً اليوم"، ومضيفا: "الاتجاه هو لإصدار التشكيلة غداً الجمعة ولكن لا أحد يدري ما يمكن أن يحصل حتى ذلك الوقت".

وبانتظار تصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا، وصدور مرسوم تشكيل الحكومة، يبقى أمل اللبنانيين أن تسارع إلى العمل الحقيقي والمنتج، لعلّها تعوّض بعضًا ممّا ضاع في عهد "فخامة الفراغ"...