تعاني ليلى (اسم مستعار) البالغة من العمر 38 سنة من مرض يسمى "إضطراب ثنائي القطب". وتعدّ ليلى من المدمنين على الرياضة، إذ انّها تمارس يوميّاً 3 ساعات رياضة على الاقلّ، كما انّها تعاني من تقلب مزاجي حادّ ويعرف بـ"المزاج العالي" اي الشعور ببهجة غير عادية لدرجة الهوس، إذ انها تسهر طوال الليل ولا تملّ من الغناء والرّقص لساعات متأخرّة. كما انّ ساعات نومها تعدّ غير كافية، فهي تنام لمدّة ساعتين فقط وتستيقظ بكامل نشاطها من دون الشعور بأيّ إرهاق.

تعريفه

"الإضطراب ثنائي القطب" هو مرض يصيب 0.5 بالمئة من الاشخاص حول العالم او بشكل أوضح شخص من بين كل 100 شخص، وخلاله يبدأ "المصاب" بالشّعور بتغيّرات شديدة في المزاج.

إن هذه التغيّرات تتناوب بين فترات من الكآبة وفترات من الابتهاج غير الطبيعي الذي لا حدود له ويمكن ان يتسببّ بمخاطر عدّة إذ انّ المريض يقوم بأعمال طائشة وغير مسؤولة، وعادة ما تكون نسبة الاصابة به بين النساء والرّجال متساوية.

أسبابه

حتى يومنا هذا لم يتوصل العلم الى تحديد أسباب أكيدة لهذا المرض، ولكنّ الباحثين يرجّحون أنواعا عديدة من الأسباب، فقد تكون "جينية" عندما يكون هناك خلل ما في التّركيبة الجينيّة لدى المريض، إذ إنّ الاشخاص الذين يتواجدون في عائلة حيث أحد الاهل او الإخوة مصاب بهذا المرض، يكون إحتمال إصابتهم به ايضا مرتفعة. واضافة الى الاسباب الجينية، قد يكون التعرض لضغوطات كثيرة أحد أسباب الاصابة بهذا المرض، كذلك تعاطي المخدرات او الإدمان على الكحول، أو وقوع حدث مفاجئ في حياة المريض كوفاة احد المقرّبين مثلاً، وربما يكون بسبب نقص في ساعات النّوم .

عوارضه

يتمّيز هذا المرض بمجموعة من الأعراض، وتنقسم الى مرحلتين حسب ايّ تقلّب مزاجي يعاني منه المريض، فأولا هناك مرحلة الكآبة، حيث تظهر عبر الشعور بالتّعاسة والحزن، مزاج مكتئب طوال اليوم وإجمالاً كلّ يوم لمدّة اسبوعين على الاقل، فقدان الطاقة والشعور بالإرهاق، فقدان الشعور بالسرور والبهجة وفقدان الإهتمام بأيّ شيء، إضطراب في النّوم (ارق او فرط في النّوم)، إضطراب في الشهيّة مع فقدان او إكتساب الوزن، إنخفاض في نسبة التركيز او التفكير، شعور بالذنّب، اضافة الى أفكار عن الموت متكرّرة (60% من الحالات) وافكار إنتحاريّة متكرّرة (15% من الحالات).

اما المرحلة الثانية فهي مرحلة "الهوس" وتكون عوارضها ظاهرة أيضا وهي ثقة بالنفس عالية جداً وافكار عظمة، طاقة زائدة وبهجة لا حدود لها او هيجان مفرط، إنخفاض نسبة الحاجة الى النّوم، ارتفاع مفاجئ بالنشاطات على الصعيد الاجتماعي، العملي او العلمي، متعة زائدة بطريقة مفرطة تؤدّي الى مخاطر سيّئة كالتسوق بإفراط، ممارسة الجنس بإفراط، استثمار مالي مفرط، وأخيرا هلوسة وهذيان في بعض الاحيان.

تجدر الإشارة الى ان الاعراض الاوليّة تظهر عادةً بين عمر الـ15 و 25 سنة بينما الاعراض الاخطر فتبدأ بالظهور بحدود عمر الـ30 سنة.

العلاج

تتراوح طرق العلاج بين العلاج البيولوجي اي العلاج بالادوية، والعلاج النفسي، وهذه العلاجات هدفها تحسين الحالة العامة للشّخص المصاب بمرض الاضطراب ثنائي القطب.

وبالنسبة للعلاج البيولوجي او بالادوية، فالطبيب المعالج يصف ادوية لتعديل المزاج، والدواء المعروف إجمالاً هو ليتيوم.

امّا بالنسبة للعلاج النّفسي، فهو يلعب دورًا مهمًّا جداً، إذ انّ المعالج النّفسي يساعد المريض على التّأقلم مع هذا المرض وتنظيم حياته اليوميّة من نوم ومأكل وممارسة بعض النشاطات.

من المهم ان تطلع عائلة المريض على الحالة التي يعانيها وأن يفهموا تفاصيلها وسبل معالجتها وكيفية رعايتها، لأن هؤلاء المرضى يستطيعون متابعة حياتهم بشكل طبيعي اذا ما تم الالتزام بالعلاجات ووجدوا البيئة السليمة لاحتواء مرضهم.

اخصائيّة في علم النفس العيادي