في صبيحة يوم الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 1943، خرج أول رئيس للجمهورية اللبنانية وأول رئيس حكومة لهذا الوطن من سجن السلطات الفرنسية. خرج ​بشارة الخوري​ و​رياض الصلح​ من السجن وأخرجا دولة لبنان من سجن الاتفاقات الدولية والمؤامرات. 10452 كم مربع، هي مساحة وطن صغير كوّن تاريخاً كبيراً بسبب شعبه وحضارته وظروفه التي مر بها.

73 عاماً مرّت على استقلال لبنان، وتساؤلات عديدة تطرح عن حقيقة استقلاله في ظل التدخلات الخارجية والحروب التي يعيشها. وبعد فراغ استمر لمدة عامين، ها هو لبنان يحتفل لأول مرة منذ ثلاث سنوات بهذا العيد في عرض عسكري اعتاده اللبنانيون في هذه المناسبة.

ولهذا العيد، أطلقت قوى الأمن الداخلي على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "كلنا للوطن" ليعبّر فيه اللبنانيون عن ارتباطهم بهذا العيد. فنشر روّاد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأبنائهم ولهم مرتدين البدلات العسكرية، موجهين التحية للجيش اللبناني وللبنان في هذه المناسبة. وأرفق البعض بتعليقاته أبياتاً من الشعر المهللة بهذا العيد.

فكتب جيف حريص "بوس العلم وعلّي راسك وخلّي علمك يبقى عالي، ارضك شعبك جيشك ناسك هنّي رمز الوطن الغالي". أما الشاعر نزار فرنسيس فنظم عدداً من الأبيات قال فيها "وطني الشعب الحب سلاحو، نهر المجد الهادر طاف، مهما الخوف يمد جناحو، وطني ما بيخاف".

من جهتها أكدت ندى قازان "اننا أتينا لنسكن في لبنان ونعيش تحت أجنحة هذا الوطن وكلنا أخوة في لبنان"، مضيفة "لبنان أول بيت للإنسان، غاب السباع وجنّة الحلوين".

أما فرح نجم فقد وجّهت التحية لشهداء الجيش اللبناني بالقول "طوبى لهؤلاء الذين استشهدوا منذ الازل في جميع انحاء الوطن دون ان ينتصر لهم احد، ولو حتى بالكلمات".

في سياق آخر، ربط عدد من الناشطين على هذه المواقع ​عيد الاستقلال​ بالعروض العسكرية التي شهدها لبنان مؤخراً من قبل بعض الأحزاب اللبنانية. واعتبر هؤلاء أن لا استقلال في ظل وجود منظمات عسكرية خارجة عن سلطة الدولة. وكان التركيز من قبل هؤلاء على العرض العسكري الذي نظّمه حزب التوحيد اللبناني في الجاهلية مطلقاً ما يسمى لواء التوحيد.

فرأت رشا الخطيب "اننا سنحتفل غداً بما يسمى عيد الاستقلال وشهدنا عرضاً عسكرياً بالقصير والبارحة نشأ لدينا ​سرايا التوحيد​"، متسائلة "عن اي استقلال نتكلم وعن أي بلد نتحدث".

وراح البعض ينتقد الخطوة التي قام بها الوزير السابق ​وئام وهاب​ باطلاق هذه السرايا. فقال مي خريش "إمتاز وئام وهاب بروح النكتة، إلا أن سرايا التوحيد فاقت كل نكاته فكانت الأثقل ولا تليق بالعهد الجديد". واعتبر جان الدويهي أن "من يطالب بتوزير شباب متعلّم ومثقّف لا يعمل على إنشاء سرايا التوحيد، فشتّان بين الثرى والثريا". وطالب وسام مزبودي بالقاء القبض على هذه السرايا الجديدة، لافتاً إلى أنه "إذا لم يعتقل الجيش اللبناني وئام وهاب و"زعران" سرايا التوحيد فلا يجب أن يلومنا أحد إذا بات لدينا في كل شارع ميليشيا مسلحة".

من جهته، سخر المغرّد "توفيق" من العرض العسكري بالقول "هل يعقل أن التأخير بتشكيل الحكومة سببه التشاور للإتفاق على بيان وزاري يتضمن صيغة الجيش والشعب والمقاومة وسرايا التوحيد". أما علي شندب فرأى أنه "على خصوم وئام وهاب ان يخشوه فعلا، فقبل إعلانه سرايا التوحيد كان يقاتل بلسانه و"صرمايته"، اما بعد إعلانه السرايا فقد يستغني عن الصرماية".

وبعيداً عن التهكم، لفت أحمد ياسين إلى أنه "لم تُظهر كشافة التوحيد اي سلاح وعديدها قليل، وبالتالي هي ضمن مشروع طرحه وهاب وتموّل من خلاله"، في اشارة إلى أن هذا العرض هدفه التمويل أكثر من أي هدف آخر.

ربّما لم يعلم بشارة الخوري ورياض الصلح عندما أعلنا استقلال لبنان أن مساحة الـ10452 كم مربع ستنقسم رغم صغرها وفق قياس الطوائف والأحزاب. ولم يدرِ أحد من اللبنانيين حينها ان استقلال وطنهم الذي حصلوا عليه، سيتم عرضه للبيع من قبل ورثتهم لأول مشترٍ. ورغم سوء الوضع الذي يعيشه لبنان، لا يمكن لأحد الا وأن يفرح بهذا عيد، بظل محيط ملتهب تمكن اللبنانيون الابتعاد عنه وعزل وطنهم عن بلاد أخرى خسرت حتى اسم هذا العيد.