لا جديد على مستوى تشكيل حكومة ​سعد الحريري​ الثانية، هذا ما تجمع عليه مختلف الأوساط العاملة على مسار ولادتها، والعقدة الأساسية تكمن بـ"النكايات" الناجمة عن الإنتخابات الرئاسية، إلا أن مفتاح الحل قد يكون في يد الرئيس ميشال عون.

حتى اليوم، لا تزال بورصة الأسماء والحقائب تتحرك بين ساعة وأخرى، لا بل حتى عدد المقاعد يسير على المنوال نفسه، بين 24 و30 وزيراً، بالتزامن مع عودة الحديث عن الذهاب إلى خيار حكومة الأمر الواقع، الذي لا يفضله رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، القائل بأنه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ظالماً أو مظلوماً.

لا جديد حتى الساعة

في هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منير​، في حديث لـ"النشرة"، أن المشاورات والإتصالات لا تزال عند عقدة الحقيبة التي ستعطى لتيار "المردة"، بالتزامن مع عودة الحديث عن الذهاب إلى حكومة من 30 وزيراً، التي تسهل من وجهة نظره معالجة العديد من العراقيل، خصوصاً بعد عودة حزب "الكتائب" إلى المشاركة.

ويشير منير إلى أن أساس المشكلة هو معركة تحديد الأحجام، وضمناً "النكايات" التي لا تزال قائمة منذ الإستحقاق الرئاسي، بالإضافة إلى الإلتقاء بين حزب "​القوات اللبنانية​" و"التيار الوطني الحر" على عدم منح حقيبة أساسية لـ"المردة"، لكنه يلفت إلى أن عامل الوقت يلعب لصالح رئيس "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​، نظراً إلى أن التأخير بالتشكيل يضر بالعهد الجديد.

من جانبه، لا يرى الكاتب والمحلل السياسي ​فيصل عبد الساتر​، في حديث لـ"النشرة"، أن مفاوضات التأليف دخلت في المحظور، بالرغم من العراقيل القائمة على أكثر من صعيد، ويشير إلى أن المشكلة هي في إعادة رسم التوازنات أكثر مما هي في توزيع الحقائب.

ويؤكد عبد الساتر أن هناك إصراراً على عدم إعطاء "القوات" حجمًا كبيرًا، على إعتبار أن ما جرى من تفاهمات جعلها قادرة على فرض الكثير من القضايا، ويعتبر أن هذا الأمر يخالف قواعد تشكيل الحكومة في لبنان، ويلفت إلى أن هذا التوجه يتفق فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع "حزب الله"، لا سيما أن الأخير أكد أنه ملتزم بالمرشح إلى رئاسة الجمهورية ميشال عون، لكن من دون الإلتزام بأن تكون "القوات" هي الفريق الأساسي في تشكيل الحكومة، ويضيف: "هناك محاولة الغاء للمردة، وهذا الأمر يستفز الثنائي الشيعي".

حكومة الأمر الواقع

على صعيد متصل، عاد الحديث في بعض الأوساط، في الأيام الأخيرة، عن إحتمال الذهاب نحو خيار حكومة أمر واقع، بالرغم من أن الحريري لا يفضله، وعون كان من أبرز المعارضين له خلال عمليات تشكيل الحكومات السابقة.

في هذا الإطار، يشدد منير على أن رئيس الجمهورية لا يستطيع في الملفات الإستراتيجية الخروج من قوى الثامن من آذار، ويوضح أن ما يعرفه هو أن مواقف "الجنرال" في هذا المجال نابعة عن قناعة، لكنه يلفت إلى إمكانية الحديث عن شد حبال على مستوى الملفات الداخلية، إلا أنه يشير إلى أن "حزب الله" يقف خلف بري، ولا يمكن تكرار ما حصل في الإستحقاق الرئاسي.

بالنسبة إلى خيار الذهاب نحو حكومة أمر واقع، يرى منير أن رئيس الجمهورية قد يستهويه هذا الخيار، إلا أن رئيس الحكومة المكلف لا يريده، فهو يدرك أن تكليفه جاء بناء على تسوية كبيرة، وبالتالي هو لا يرغب بالمغامرة، ويعتبر أن الحل لا يزال عند ما طرحه رئيس المجلس النيابي، لناحية إحتفاظه بوزارة الأشغال العامة والنقل، على أساس عدم حصول مداورة في الحقائب، بالإضافة إلى حصول "المردة" على التربية والتعليم العالي، وبعد ذلك تحصل المبادلة بين الجانبين.

وعلى الرغم من أن عبد الساتر يُصر على أن المسألة ليست في نوعية الحقيبة التي يجب أن تعطى لفرنجية، يعتبر أن الحل هو أن يقوم عون بمبادرة تجاه رئيس "المردة"، نظراً إلى أنه اليوم من موقعه الدستوري بات رئيساً لكل اللبنانيين وليس زعيماً لتيار سياسي، لا سيما أن الحريري لا يستطيع إقناع "القوات" و"الوطني الحر" بالتنازل، وبري لا يمكن أن يقوم بأي محاولة لدفع فرنجية نحو التراجع، ويسأل: "ما الذي سيخسره التيار في حال قام بمبادرة تجاه "المردة"، طالما أنه فاز بالإستحقاق الرئاسي؟"

وفي ما يتعلق بالحديث عن حكومة أمر واقع، يشدد عبد الساتر على أن هذا الخيار نوع من الإنتحار السياسي، ويؤكد بأن الحريري ليس لديه القدرة على ذلك، لا هو ولا غيره من الأفرقاء، ويرى ضرورة الذهاب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون إلغاء أي مكون، ويضيف: "هناك مسألة ينبغي التنبه لها، في لبنان مررنا في طورين خطيرين: الأول تعطيل مجلس النواب لمدة طويلة، والثاني تعطيل رئاسة الجمهورية، ولا يجب أن نقع في تعطيل جديد على مستوى السلطة التنفيذية لأن ذلك سيؤثر على الإنتظام العام".

في المحصلة، لا جديد على مستوى تشكيل الحكومة الجديدة، حيث لا تزال الإتصالات والمشاورات تراوح مكانها، فهل لا يزال الحديث عن ولادتها قريباً أمرًا ممكنًا؟