لطالما تذوق اللبنانيون الاطباق الحلبية ذات الشهرة الواسعة والتي لا تخلو قائمة افخم المطاعم اللبنانية من ابرزها «الكباب الحلبي»، منذ زمن طويل ولعلها الاغلى ثمناً، البارحة حاول كل لبنان من اصحاب المعالي والسادة والنواب السابقين والاعلاميين وحتى الذين اصبحوا يضعون لافتات على واجهات مؤسساتهم ومحلاتهم التجارية «مطلوب عمال سوريين» او «فتيات سوريات للعمل»

مصدر متابع اشار الى ان الطبق الحلبي الاتي من وراء الحدود والذي لم تعده المطاعم اللبنانية بل مطابخ اقليمية ودولية متناحرة تقاسمت نفوذها وسيطرتها فكانت ثمار جهودها «صباح حلب حلو»، بدّل مذاق «الكباب الحلبي الحار» بالسكر، لكن البعض اكد انه يميل الى مرورة العلقم في حين رأى البعض الآخر انه يشبه «الهيطلية الحلبية»، ولكن في الختام « لكل نفس ما تشتهيه».

ويعود المصدر الى قراءة المواقف المعترضة والمرحبة بزيارة مفتي سوريا الى القصر الجمهوري ولقائه الجنرال ميشال عون والتي استتبعها بلقائه بطريرك انطاكية وسائر المشرق مار بشارة بطرس الراعي الذي عهد اليه المطارنة والكرسي الرسولي حماية المسيحيين في الشرق وهدايتهم، ولذا فان مسيرته ينيرها ما ورد في الاناجيل الاربعة لرسل المسيح بينهم إنجيل (متى 5: 37) بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ» ولكن بالطبع مع ابقاء ذاكرتهم على آية اخرى تقول « كُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَام» فاين الحكمة من التصويب على العهد بدل حمايته بعد فراغ دام سنتين والجميع يعلم ما جمع فريقي 14 آذار و8 آذار تحت سقف البرلمان، حيث تم انتخاب الجنرال ميشال عون الذي كانت توجه اليه السهام من كل حدب وصوب بالتبعية لـ«حزب الله» و«السوريين» ولا سيما حين زار سوريا عام 2008 وتحديداً الأماكن المسيحية المقدّسة في سوريا ومنها موقع مار مارون في الشمال وصيدنايا ومعلولا وقد كان لمفتي سوريا احمد بدر الدين حسون كلمة ترحيبية خص بها الضيف اللبناني الذي تربطه به علاقة منذ الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 2006 عندما ارسل حسون مساعدات الى التيار الوطني الحر لمساعدة النازحين من كل الطوائف، حيث كانت بداية تأسيس لعلاقة صادقة توجها المفتي بزيارته الى القصر الجمهوري دون ان يعرج على الرابية للقاء رئيس التيار وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل.

ويلفت المصدر الى ان ابواق الخيانة العظمى بدأت باطلاق النفير وهي التي يبدو ان الرب اعطاها نقمة النسيان، لا نعمته، ولانه لا يمكن مسح ذاكرة التاريخ الذي يختزن المواقف والصور والاحداث التي تنتعش وتنفض الغبار عن حروفها فهو دائما يعيد شريط يوم 6-9-2010 حين اعلن رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري عبر صفحات احدى الصحف العربية، انه وحلفاءه ارتكبوا «خطأ باتهام سوريا بالوقوف وراء اغتيال والده رفيق الحريري ومؤكداً ان الاتهام السياسي انتهى»، وبالطبع وفق المصدر، هذا الامر ليس انتقاداً للحريري بل هو ثناء على حكمته بعد ان بدأت رياح التغيير الساخنة تلفح محيط البلد الذي شدد والده الشهيد رفيق الحريري في اكثر من مرة على مقولته «ما حدا اكبر من بلدو» والتي باتت شعاراً يجب دائماً العودة اليه، وما خطوة نجل الشهيد رئيس الحكومة المكلف باختيار الوزير سليمان فرنجية الا خطوة لتعزيز الامل بلبنان بعودة الحياة الى اروقة القصر الجمهوري والتي فسرها البعض، بان الرئيس سعد يحاول استدراك خسارته وتعويضها بالعودة الى الحكومة، وهو العالم بمعاناة هذا البلد الذي لم يبقَ امامه سوى البحر او العدو الاسرائيلي، لان خط «الترانزيت» السوري ما زالت ابوابه مقفلة كما طرقاته الدولية التي تنقل البضاعة اللبنانية الى مختلف الدول العربية والتي رحب معظمها بانتخاب الجنرال ميشال عون وبالطبع المملكة العربية السعودية الساعية الدائمة لاسقاط نظام الاسد في حين كانت في مقدمة من هلل للجنرال عون قبل انتخابه وبعده.

ويشدد المصدر على ان ما ورد لا يعني تأييداً للنظام او معارضته، فالامر سيان لان هناك من يعد «الاطباق» ويقدمها ساخنة كنيران براميل الموت من اية جهة اتت وهي باتت تراكم السواد فوق السواد في سماء سوريا والموصل، وبات النازحون يرفضون النزوح خوفاً من الاذلال الذي يعيشونه بسبب رواج التجارة بمعاناتهم، واستغلال بعض الارهابيين مخيماتهم للاندساس بينهم استعداداً للانطلاق في ارهابهم وخصوصاً على ضباط وعناصر مؤسسة الجيش اللبناني الذي لم يخترق الحدود اللبنانية السورية والتي لا نعرف منها سوى معبري المصنع والعبودية.

ويكرر المصدر رأيه فيما يتعلق بازمة اللاجئين السوريين التي حذر منها الافرقاء على الساحة اللبنانية ولكن وفق رياح اهدافهم كما فعلوا في احياء عاصمة الشمال «طرابلس الفيحاء» التي عوقبت منذ زمن طويل وهي ما زالت تعاقب فهناك اكثر من نصف شبابها في السجون، بعضهم «دبت» فيه روح النخوة لنصرة «اهل السنة» وخصوصاً من ضاقت بهم سبل العيش والبعض الآخر انخرط في حرب عبثية سميت «احداث طرابلس» والتي دارت رحاها في شوارع ملت انتظار الهبات والقروض، علّ الحياة تعود الى اسواقها التي تتحدث عن نفسها وكذلك مناطقها، المنكوبين، باب التبانة، باب الحديد، القبة الميناء، الزاهرية التل، السويقة وبالطبع جبل محسن يتشارك مع هذه المناطق الفقر كما تشارك معها في احداث طرابلس.

اما بالنسبة للمسيحيين الذي لا يملكون اذرعاً عسكرية بعدما حلت اثر انتهاء الحرب اللبنانية، فهم اليوم يبحثون عمن يكفل بقاءهم في هذا الشرق لان اسلحة القتال التي كانوا يستعملونها زمن الحرب لم تعد لديها فعالية الفتك بالاعداء المتربصين بهذا الشرق، وهم يدركون جيداً ان مسيحيي الموصل لن يعودوا اليها وهم بانتظار التأشيرات لاعادة «توطينهم» في بلدان تحفظ حرية معتقداتهم وتقاليدهم وكذلك السوريين من مسيحيين ومسلمين الذين فقدوا الامل بالعودة الى وطنهم الذي اصبح مجرد ركام واطلال في ظل دولة مشلعة لم يبق منها الا النظام بانتظار رسو مركب بحارة تغيير الخرائط ورسامي الحدود.