وقع الأسوأ وخرج حزب الكتائب من حكومة الوحدة الوطنية من دون حمص. عبارة أطلقها كتائبي من الحرس القديم كانت كتعليق أولي بعد تأليف حكومة العهد الأولى الخالية من أي وزير كتائبي... هو يرفض هذه اللامبالاة حيال حزب مؤسس للكيان اللبناني . ويستهجن كيف تقوم الدنيا ولا تقعد إلا بعد أن تحصل المردة على الأشغال «صحتين على قلبها «وان تتوسع الحكومة إلى ثلاثينية كي تنضم إليها الأحزاب والقوى في 8 آذار فيما ضاقت المطارح لحقيبة واحدة يتيمة لحزب الكتائب. فماذا جرى؟ومن اوصل حزب الكتائب إلى «الهامش «ومن الذي همش الصيفي واستبدلها بمعراب؟كلام كثير وصريح قاله الكتائبي من الحرس القديم الموالي الدائم للصيفي لكن مع الملاحظات الأبوية للرئيس الشيخ سامي الجميل سائلا : هل الحفيد للمؤسس الكبير هو من اوصل الكتائب إلى المأزق؟ ام أن الصراع الماروني الماروني أطاح الكتائب إلى خارج الميدان؟ هو يعتبر أن الحزب لم ولن يستقيم إلا مع آل الجميل وهذا ما يفرضه الواقع خصوصًا بعد فشل المحاولة التي اقدم عليها كريم بقرادوني إبان فترة رئاسته للحزب. ففي عهده حاول مع بعض الرفاق تحويل حزب المؤسس إلى حزب المؤسسة. المحاولة فشلت بعدما «استسلمت «الصيفي في عهد بقرادوني إلى «الوصاية «واخرجها من جلبابها. وفي تلك المرحلة نجح الشهيد بيار الجميل مع بعض المقربين من بقرادوني في صياغة آفاق جديدة للحزب، وبعد ان رضخ بقرادوني لمشيئة المتحاورين سهل عملية التسلم والتسليم مع الرئيس امين الجميل الذي عاد من فرنسا وأعاد الروح الكتائبية إلى سابق عهدها كما كانت في عهد الشيخ بيار المؤسس. وانطلق الحزب ليسجل الانتصارات النيابية والوزارية وحضر إلى الطاولة مشاركا بالحجم الوازن. ووصل بطموحه إلى الحصول على ثلاثة حقائب في حكومة الرئيس تمام سلام فيما القوات اللبنانية لم تشارك ونال التيار الوطني الحر حقيبتين فقط. هذا التوهج سرعان ما خفت وشح بريقه عشية «التوريث الذي نفذه الرئيس امين الجميل على عجل. وبناء على رغبات «أسرية» بايع الكتائبيون الشيخ سامي رئاسة حزب الكتائب. وبصراحته أضاف الكتائبي من الحرس القديم : تحولت الانتصارات التي حققها الشيخ امين إلى هزائم في عهد الرئيس الشاب. فازدواجية المواقف أربكت الحزب اذ اختلطت المعارضة التي خاضها الشيخ سامي مع الموالاة التي انتهجها وزراؤه داخل الحكومة. مما أربك الكتائبيين واوقعهم في حيرة بين أمرين : هل هم موالون ام معارضة؟ وما زاد في بلبلتهم هو الاعتصام اللغز أمام المطمر في برج حمود. اعتصموا وفكوا الاعتصام ولا يزالون في حيرتهم يسألون عن الأسباب في الحالتين : الاعتصام وفكاكه. والحيرة استمرت وتفاقمت عندما صدرت الأوامر بالانسحاب من الحكومة اعتراضا. لكن لاحقا تبين أن الوزراء الثلاثة لم يلتزموا القرار الصادر عن الصيفي،الوزير الأول غسل يديه من الحزب مذكرا مراجعيه بأنه صديق للكتائب ولم يكن يوما حزبيا. وأما الثاني فرفض القرار برمته معللا الأسباب وداعيا الرئيس الأعلى إلى القيام بدوره كمرشد للحزب. وأما الوزير الثالث فقد «انصاع» للقرار، لكن البعض يؤكد أنه شوهد يداوم يوميا في وزارته حتى اليوم الأخير من تصريف الأعمال. ويعتبر الكتائبي القديم أن موقفنا في الحزب بات نصفه في بور المعارضة والنصف الآخر في الموالاة. هذه الوضعية استمرت دون أي تعديل أثناء الانتخابات الرئاسية، نعارض انتخاب الرئيس عون لكن في المقابل نريد المشاركة في حكومة العهد الأولى. ثم سنرفض المشاركة في الحكومة إلا إذا كانت الحقيبة وازنة. وهكذا أسقطت الشعارات التي أطلقها الشيخ سامي بأن الكتائب ترفض النهج الذي وضعته 8 آذار وفرضته في الانتخابات الرئاسية ولاحقا أثناء تأليف الحكومة. وينهي الكتائبي العتيق كلامه بالقول : أخشى أن نضيع في المتاهة بين معارضة لم نعرف جيدا كيف نمارسها وموالاة نخشى أن نظهرها بوضوح. والخوف الأكبر أن يكون الوزير سجعان القزي على حق عندما رفض الأوامر واستمر وزيرا صديقا للرئيس تمام سلام وينهي الكتائبي من الحرس القديم كلامه راسما صورة سوداوية عن المصير الذي وصل إليه الحزب ويعتبر أن الحرس القديم أقيل بالكامل من مسؤولياته لمصلحة الشباب الذين امتهنوا الطلات التلفزيونية ولم يبق في الميدان سوى الرفيق جوزيف ابو خليل المسالم لآل الجميل والذي لم يعد يشكل اي منافسة للشيخ سامي. فالكتائبيون في حلقاتهم الضيقة وفي اجتماعاتهم المصغرة يرتفع صوتهم اعتراضا على الذين يديرون سياسة الحزب مع الآخرين ويحملون فشل المشاركة في الحكومة إلى هؤلاء الذين لم يبرعوا في المفاوضات فخرجت الكتائب عينها على الاستيزار ورفض إعلامي له. كما أن الشباب الذين يديرون سياسة الحزب اوصلوا الأوضاع إلى درجة أن النواب الكتائبيين الحاليين أصبحوا في خطر عدم انتخابهم مرة جديدة والخوف ألا تعود الكتلة إلى سابق عديدها. فادي الهبر وسامر سعادة مهددان بعدم ضمهم إلى لائحة الأقوياء في دائرتي طرابلس وعاليه ومثلهما ايلي ماروني في زحلة التي ستشهد حربا حاسمة وأما نديم الجميل الذي اقترب كثيرا من ابن عمه فسيفقد بالتأكيد الرعاية القواتية في الأشرفية ولن يبقى في الميدان سوى الشيخ سامي الذي سيواجه ورقة النيات وتجلياتها في المتن وهنا يكمن الخطر الشديد من الإطاحة به وهنا الطامة الكبرى. وينهي الكتائبي من الحرس القديم كلامه بأن البعض عاد ليتذكر الكلام الذي أطلقه الوزير سجعان قزي عشية إقالته من الحزب..فهل من يتعظ؟