يمكن القول ان قانون الانتخاب لا يزال في مخاض المفاوضات التي تتركز حول صيغة توافق سياسي يجمع بين النسبية والتأهيل على اساس الاكثري، ويهدف الى اسقاط هواجس بعض المكونات السياسية والطائفية لضمان الذهاب الى الانتخابات النيابية من دون خطر مقاطعة اي طائفة.

ووفقا للمعلومات المتوافرة عن المداولات الجارية فقد تأكد حتى الآن بعض الثوابت التي باتت موضع اجماع بين الاطراف وهي:

1- لا عودة الى التمديد للمجلس خارج اطار «التمديد التقني» المشروط بادراجه في متن القانون الجديد للانتخاب.

2- استحالة اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الحالي، وبالتالي اقتناع الجميع بوجوب انجاز واقرار قانون بديل.

3- الاخذ بعين الاعتبار الاتفاق على قانون الانتخاب، وتجنب اي صيغة تواجه «فيتو» من قبل اي طائفة او مكون طائفي اساسي.

وتقول مصادر مشاركة في المفاوضات ان هذه العناصر او الثوابت الثلاثة هي المنطلق الذي يجري منه النقاش، لذلك تركز جوجلة الافكار على صيغة يمكن وضعها تحت عنوان «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». لكن المشكلة في تحقيق هذا الهدف تكمن في السعي الى اعتماد معيار واحد في القانون اولا لتحقيق «العدالة النسبية» وثانيا لتلاقي امكانية الطعن بالقانون خصوصاً ان سيف الطعن يبقى مسلطا على اي قانون مختلط وان كان مغلفاً بصيغة التأهيل.

وتستدرك المصادر بالقول ان الاتفاق على قانون الانتخاب يحتاج الى صيغة سياسية طالما ان هناك حاجة للتوافق ومراعاة المكونات السياسية والطائفية، وهذا ما يحتاج الى نوع من تدوير الزوايا او الالتفاف على بعض النصوص والمفاهيم القانونية والدستورية.

وحسب المعلومات ايضاً فان ما جرى مؤخراً، يؤكد ان الجميع بات مقتنعاً بوجوب مراعاة الرأي العام لجهة ادخال النظام النسبي على قانون الانتخاب لاول مرة لان الاكتفاء بالاعتماد على النظام الاكثري يشكل تكريساً لمسار قانون الستين الذي اوصل البلاد الى ما هي عليه اليوم.

ومن هذا المنطلق قصد النائب وليد جنبلاط الرئيس بري مؤخراً وسلمه مسودة مشروع للقاء الديموقراطي تتضمن نظاما مركبا يأخذ بعين الاعتبار اعتماد النسبية بشكل جزئي، والابقاء على الاكثري كقاعدة اساسية تحفظ تمثيل الطوائف ولا تخلّ بالتوازن المذهبي والطائفي وفق رأي اللقاء والحزب التقدمي الاشتراكي.

ويقول احد اعضاء اللجنة الرباعية المجمدة اجتماعاتها، ان الاقرار بمبدأ النسبية الجزئية من قبل جنبلاط يعتبر تطورا ايجابياً يمكن ان يفتح كوة في جدار الازمة القائمة، لكنه في الوقت نفسه غير كاف لان هناك حاجة الى توفير الفرص ايضا من اجل تأمين الحد الادنى من تمثيل الاقليات والاحزاب السياسية داخل الطوائف.

ويضيف ان هذا الهدف لا يكون من خلال ترتيب التحالفات او التسويات الانتخابية بل من خلال نص قانون الانتخاب، لان مثل هذه التحالفات يمكن ان تتبدل او تتغير في اي وقت، وهي غير مضمونة في كل الحالات.

ويعترف المصدر بان هناك صعوبات حتى الآن في التوفيق بين النظامين الاكثري والنسبي، لكن المحاولات مستمرة لايجاد صيغة مقبولة تراعي اعتماد معيار واحد في مسألة التأهيل وتفتح مجالا اوسع لاتاحة الفرصة امام اكبر عدد ممكن من المرشحين لتجاوز امتحان التأهيل والعبور الى الانتخاب على اساس نسبي.

ويكشف المصدر عن افكار يجري التداول بها في هذا المجال، مشيرا الى ان الرئيس بري اخذ يتدخل شخصياً اكثر فاكثر لبلورة هذه الافكار بصيغة متكاملة يفترض ان تتضح على ضوء المزيد من المشاورات والمداولات التي تجري عبر المعاونين والمكلفين من الاطراف السياسية الاساسية لمتابعة هذا الموضوع.

لكن رئيس المجلس يحرص في الوقت نفسه على عدم اخذ هذه المسألة على عاتقه وحده، بل يؤكد امام زواره ان هناك مسؤولية جماعية لصياغة واقرار قانون الانتخاب، وان الحكومة التي تتمثل فيها اغلبية الاطراف والمكونات السياسية والطائفية معنية بالدرجة الاولى ايضا في مناقشة القانون واقراره لاحالته الى المجلس النيبابي.