تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية في الشمال السوري تجددا لظاهرة "اعتناق ​المسيحية​"، التي، وان كانت محدودة الا أنّها عادت لتفرض نفسها مادة دسمة يتوجب تبيان أسبابها وانعكاساتها، في ظل المعلومات الواردة من المناطق المذكورة عن انشاء كنيسة في عفرين وتوجه لانشاء أخرى في ​كوباني​.

ووفق سليمان يوسف الباحث السوري الآشوري المتخصص بقضايا الاقليّات فإنّ تحوّل العديد من ​أكراد سوريا​ الى المسيحيّة ليس بجديد، وهو سابق للأزمة السوريّة الراهنة واجتياح "داعش" لمدينة عين العرب–كوباني، لافتا الى أنّه ومع بداية هذا القرن شهدت مدن وبلدات محافظة الحسكة "نشاطاً تبشيرياً مسيحياً" بين الأكراد المسلمين. وخلال سنوات قليلة تحوّل العشرات منهم الى المسيحيّة وتأسّست ما أُطلق عليها "حركة الكرد المسيحيين" في سوريا عام 2004 على يد القس الكردي الذي تحول الى المسيحية (جلال فندي) وهو من ريف القامشلي... والحركة تُسمّى بالكردية (خاتش) أيّ الصليب.

وبعد سنوات من اندلاع الأزمة السورية، عادت هذه الحركة لتنشط في المناطق التي عانت من جرائم التنظيمات الإسلاميّة المتشددة، مثل كوباني التي احتلها تنظيم "داعش". ويقول يوسف انّه "وكردّة فعل على جرائم "داعش" بحق أكراد كوباني تحوّل العشرات منهم الى المسيحيّة". ويضيف: "هم حاليا يمارسون نشاطهم الديني وشعائرهم الدينية باطار ما يعرف شعبياً بـ"حركة الأخوة" وكنيسة الإتّحاد الوطني الانجيليّة التي ظهرت في سوريا في تسعينيات القرن الماضي، وبات لها عدّة فروع في الحسكة والقامشلي والمالكية".

ولا تقتصر اندفاعة عشرات الأكراد لإعتناق المسيحية "كردّة فعل على جرائم داعش"، بل يشكّل الدعم الذي يتلقّونه من واشنطن ودول أوروبا لمواجهة التنظيم المتطرف والذي يحسدهم عليه الكثيرون كمًّا ونوعا، عنصرا أساسيا جعلهم ينفتحون على المسيحيّة، كما تؤكد أوساط كردية.

وتشير مصادر في وحدات حماية المرأة الكردية الى أن عائلات بأكملها اعتنقت المسيحية في الآونة الأخيرة، لافتة الى ان ما يجعل الأمور بسيطة وسهلة هو كون القسم الأكبر من الأكراد في سوريا من "العلمانيين". هذا ما يؤيّده أيضا نوّاف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات الذي يرفض الحديث عن "ظاهرة" بهذا الموضوع، مشدّدًا على أنّ من يقدمون على ذلك قد يكونون بالعشرات او المئات، لكنّهم يظلون جزءا بسيطا اذا ما قارناهم بـعدد 3 و 4 ملايين من الكُرد يعيشون في سوريا. ويشدد خليل على ان النشاط الديني لطالما كان محدودا في المناطق ذات الغالبية الكردية في الشمال السوري، لافتا الى حالات اعتنقت المسيحية مؤخّرا في صفوف أكراد سوريا المنتشرين في السويد وأميركا وتركيا.

وتؤكّد مصادر كنسية رفيعة في دمشق هذه المعلومات لافتة الى أنّ بذور هذه الظاهرة قديمة لكنها تجددت مع اندلاع الأزمة في المناطق شمالي البلاد. وقالت: "هناك مجموعات تبشيريّة وإرساليّات تعمل في تلك المناطق لكن وبشكل عام فإنّ المواطنين هناك هم من يبادرون وقد لمسنا انفتاحا غير متوقع منهم".

وبحسب المعلومات، فان وفدا كنسيا سيزور المناطق الكرديّة في الأسابيع القليلة المقبلة للاطلاع عن الوضع عن كثب بمحاولة لتوثيق الظاهرة وتحديد أسبابها الرئيسية كما دعم بناء الكنائس في المنطقة.