يبدو واضحا أن الصيغة الجديدة ل​قانون الانتخاب​ تحضر لها القوى السياسية، ليتم اقرارها لاحقا في مجلس النواب اذا ما توافقت عليها، في مقابل تولي رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الدور المحوري لايجاد صيغة توفق بين تطلعات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقانون جديد وحسابات مختلف القوى السياسية وطمأنة المسيحيين، لناحية حصولهم على تمثيل نيابي أفضل من الواقع الحالي في البرلمان.

ولذلك تبدو الحكومة ورئيسها سعد الحريري في حالة ترقب ، فيما وزير الداخلية صاحب الاختصاص والمسؤولية في هذه العملية الانتخابية يتعاطى مع هذا الملف من زاويته الدستورية، مجنبا ذاته أية انزلاقات بابتكاره صيغ انتخابية قد تفهم بأنها تعكس وجهة نظر تيار المستقبل الذي يمثله في الحكومة، مما جعل النقاش حول القانون المرتقب يخضع للدراسة بين القوى السياسية وبات هذا المسار يسلك خطين متوازيين أحدهما اعلامي والآخر سياسي.

اذ ان عدداً من القوى تعمل لمخاطبة اعلامية غير متقاربة مع موقفها السياسي، لكنها منفتحة على نقا ش حول قانون غير الحالي ، فحزب الله ينادي بالنسبية المطلقة فيما النائب وليد جنبلاط يرفضها بالمطلق، ويبقى تيار المستقبل على موقفه المؤيد للقانون المختلط فيما كان للتيار الوطني الحرّ صيغة جديدة تقدم بها باسيل ووافقت عليها القوات اللبنانية وهو حدد للقوى السياسية موعدا اليوم الأربعاء لاعطاء رأيهم فيها. وكل ذلك يحصل في ظل انحسار المهلة الدستورية لاجراء الانتخابات ورفض رئيس الجمهورية التوقيع على دعوة الهيئات الناخبة.

فاذا كان رئيس الجمهورية قد حدد تصوره لقانون الانتخاب العصري لعهده، فان رئيس الحكومة الاولى للعهد أي الحريري ، لا يتعارض في موقفه مع رؤية عون لاعتباره أن المرتكز الاساسي لقانون الانتخاب هو تأمين الاجماع والتوافق عليه مهما كانت صيغته، ولذلك يأتي موقف المستقبل بضرورة مناقشة القانون والتحاور حوله ليلقى تأييد كامل القوى وغير ذلك يشكل بقاء الاعتراضات التي لن توصل الى قانون ترضى به القوى لتحصل انتخابات على أساسها. وبذلك يدعم تيار المستقبل اي تفاهم جامع بين الآخرين وان كان هو يميل الى القانون المختلط الذي خضع للنقاش في احدى الجولات.

وحيال ما كشفه عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور بأن التسوية التي رافقت انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وقفت أمام تشكيل قانون الانتخاب، ترى أوساط مواكبة لهذا الملف، فان موقف أبو فاعور يندرج في خانة المسار الاعلامي الطبيعي المرافق سياسيا لدراسة الصيغة الانتخابية الجديدة، لانه لم يحصل أي تفاهم حول هذا الموضوع، عدا ان ابتعاد الاشتراكي عن حلقات النقاش الانتخابية واستناده من جانب على حلفاء له فيها اسوة بحركة «أمل» حتم هكذا موقف.

في المقابل، ترى أوساط مراقبة بأن التوصل الى تفاهم حول قانون الانتخاب لن يكون بعيدا وسيتحقق في المدى القريب، مستعيدة المرحلة التي رافقت تشكيل الحكومة بحيث شهد الاسبوع الاخير قبيل ولادتها كلاما واجتهادات عكست نوعا من التشاؤم وارتفاع نسبة الفشل والصعوبة في انجاز الصيغة يومها، وفجأة عشية يوم الاحد نضجت الامور وخرجت التشكيلة الحكومية الى العلن وحصلت على الثقة في وقت وجيز. وهو الواقع الذي سينسحب أيضا على قانون الانتخاب المفترض أن يبصر النور قريبا.

ويندرج الكلام حول الفراغ النيابي ودخول البلاد في مرحلة تتطلب اعداد نظام جديد في خانة الخيار المستبعد وغير المطروح تتابع الاوساط اذ لا دلائل على ان ثمة منحا في هذا الاتجاه يستند الى وقائع ومعطيات داخلية إقليمية ودولية تدل بأن الامور تتجه نحو هذا الواقع الدراماتيكي، فالامر لا يتعدى التجاذب الطبيعي المترافق مع محاولات تعزيز القوى لذاتها من خلال قانون يتناسب مع طروحاتها.